ليس هناك خطأ فى العنوان، فإن كان هناك من يهدد بتحركات وربما ثورة يقوم بها الإخوان، فإننى أتوقع- ويوم 25 يناير بالذات- ثورة يقوم بها الرئيس السيسى ضد الحكومة، وهناك شواهد عديدة تقول لنا ذلك.
أول ذلك عدم رضاء الرئيس عن الأداء الحكومى، وفى معظم المجالات، وكان عدم الرضاء هذا سببا فى أن خسرت مصر جهود وتحركات وإخلاص المهندس إبراهيم محلب كرئيس للحكومة، رغم أنه كان فى قلوب كل المصريين، وثانيها أن الرئيس- ومنذ فترة طويلة- لا ينتظر أن يذهب إليه رئيس الوزراء بنتائج اجتماعات مجلس الوزراء، ولذلك يعمد إلى عقد اجتماعات متتالية مع الوزراء داخل مقر رئاسة الجمهورية، يستمع ويناقش ويحدد ويتعجل، فالشعب يخشى أن يهدأ الأداء الحكومى ويهبط قليلا.. وكل الوزراء بلا استثناء، وإن جاء وزراء المجموعة الاقتصادية فى المقدمة، بحكم أن أوجاع الوطن معظمها اقتصادى. ثم مجموعة وزراء الخدمات.. بحكم النقص الرهيب فى كل الخدمات: إسكان، صحة، تعليم، مياه، وأيضا الهاجس الأمنى، الذى يستهدف عرقلة كل مشروعات التنمية والبناء، (ونكاد نرى نظرات غضب الرئيس من أداء كثير من الوزراء)، وأن تحركات معظمهم أبطأ كثيرا من تحركات وآمال الرئيس نفسه، وأقل كثيرا من أحلام الناس.
وغضب الرئيس سببه إحساسه بقلق الشعب، وبطء التحرك الحكومى، حتى إن الناس تكاد تتحدث عن عدم وجود تقدم حقيقى فى حل المشاكل التى تعانى منها الأمة، وبالذات فى مواجهة تصاعد معدل البطالة، وعدم قدرة الحكومة بكل وزرائها على وضع استراتيجية واضحة لحل هذه المشاكل.. والطريف أن الحكومة تتحدث أكثر مما تعمل.. حتى وجدنا الناس- كل الناس- يهربون من كلمات وتصريحات الوزراء، فهى كلها مشروعات على الورق، وللأسف نجد الإعلام الرسمى يزيد الأزمة تعقيدا، «يجعل البحر طحينة» حتى يكاد الشعب يطلق عليها «تصريحات أبولمعة».
ومن يتابع تصريحات وتحركات الرئيس السيسى يتأكد من غضبه على الأداء الحكومى ومستواه، وآخرها ما أعلنه الرئيس وهو يهنئ الأشقاء مسيحيى مصر بعيد الميلاد، عن تأخر ترميم وإعادة تأهيل الكنائس التى تعرضت للإحراق خلال فترة حكم الإخوان لمصر، ووعد الرئيس بأنه لن يأتى عيد الميلاد القادم إلا ويكون كل ذلك قد تم ترميمه وأُعيد تأهيله، ثم علينا أن نبحث وبهدوء أسباب خروج معظم الوزراء الذين خرجوا من الحكومة، من وزراء الصحة والتعليم والزراعة والتنمية المحلية، وكذلك تغيير عدد كبير من المحافظين، وسوف نكتشف أن أهم هذه الأسباب هو انخفاض معدل العمل فى كل هذه المواقع، وعدم مواكبة تحركات هؤلاء لمعدل تحركات الرئيس نفسه، حتى فى الجانب الأمنى الداخلى والمخابراتى والأمن القومى.
وهذه كلها تكاد تكون جرس إنذار من الرئيس نفسه لكل الجهاز الحكومى، من أعلى مستوى إلى أصغر مسؤول محلى فى أى قرية، وكأن هذا المستوى المتدنى من الأداء الحكومى يكاد يشير إلى تلك الثورة التى نتوقعها من الرئيس نفسه ضد كل معدلات التنفيذ لكل الأجهزة الحكومية، وأراها ثورة رئاسية يمكن أن تنقذ الوطن كله من غياب خطة واضحة شاملة لإعادة بناء الوطن، وأراها ثورة- حتى ولو قادها الرئيس نفسه- ضرورية ليس من باب إجهاض أى دعوات للثورة التى يهدد بها الإخوان يوم 25 يناير، ولكن من أنها باتت ضرورية لتصحيح مسار ثورة 25 يناير 2011، ومسار ثورة 30 يونيو الكبرى.
ونحن فعلًا نرحب بثورة الرئيس السيسى على الحكومة، لأنها ستكون ثورة تصحيحية تعيد الثورة للشعب، نقول ذلك رغم الإيجابيات العديدة للحكومة، وأيضا إيجابيات حكومة إبراهيم محلب، ولكن كل هذا ليس عند المستوى الذى يحلم به الرئيس السيسى، ويحلم به الشعب نفسه ويتمنى.
ومن لا يصدق ما أقول فعليه أن يقرأ «ما بين السطور» من تصريحات الرئيس.. ومن تحذيراته.. وحاولوا أن تقرأوا ما تُعبّر عنه عيون الرئيس السيسى عندما يتحدث إلى الشعب.
** فهل تتحرك الحكومة حتى يتفرغ الرئيس للمهام الخطيرة التى تهدد الأمن القومى للوطن، وتكاد تحاصر الوطن كله من جميع الاتجاهات.. هل تتحرك الحكومة فتستمر فى موقعها أم ترحل ونبدأ عهدا جديدا مع بداية البرلمان الجديد.. هل تتحرك الحكومة أم نتوقع ثورة الرئيس السيسى على الحكومة خلال الأيام القليلة القادمة؟!