فى كل المجتمعات المتقدمة تعتبر مؤسسات حقوق الإنسان وقدراتها من الدلائل والمؤشرات على نموذجية هذه المجتمعات وقدرتها على حماية حقوق الإنسان.
ومؤسسة حقوق الإنسان المصرية كان الحظ الكبير الذى دعم دورها هو أن يتولى مسؤوليتها وإدارتها وزير الإعلام السابق محمد فايق بعد أن تولاها عالم القانون والسياسة الخارجية الدكتور بطرس بطرس غالى، الذى رفع رأس مصر ومكانتها الدولية وتحدى قوى عظمى احتراما لمبادئ العدالة الدولية.
ولن أستطيع أن أبيح سرا كيف أن الوزير السابق محمد فايق بعد أن ترك د. بطرس بطرس غالى مسؤوليته فى حقوق الإنسان تعامل معه برقى حتى يستمر كل التقدير والاحترام لشخصه.
ولم يخف عن الرئيس السيسى شخصية وماضى الوزير محمد فايق وهو وزير ناجح ومتفرد للإعلام فى عصر الرئيس جمال عبدالناصر وأيضا ما قام به من جهد وهو مستشار له للشؤون الأفريقية، ولم ألتق بعدها برئيس أو زعيم أفريقى إلا وذكر محمد فايق بكل خير لما أداه للقضايا الأفريقية من خدمات إيمانا بقضاياها ومستقبلها.
إذن لم يكن دور محمد فايق أداء وظيفيا ولكن خدمة لقارة نحن جزء منها ولمهمة آمن بها كعقيدة وطنية تحترم استقلال الشعوب وتعظم دور مصر فى قضايا التحرير وتخدم أيضا الدور القيادى لجمال عبدالناصر الزعيم الأفريقى.
وحينما استقبل الرئيس السيسى محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان «أشاد بالدور الذى يقوم به المجلس القومى وأعضاؤه فى الدفاع عن الحريات والفردية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان فى مصر وأكد الرئيس على التزام الدولة بإعلاء قيم العدالة والمحاسبة وحقوق الإنسان، والتصدى لأى محاولات للخروج عنها».
وأضاف الرئيس: «إن الحكومة تسعى لترسيخ سيادة القانون الذى يمثل الإطار الحاكم للعلاقة بين الدولة والمواطنين، وأن من أخطأ أو تجاوز فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة فسيتم محاسبته، وأنه من المهم مواصلة مجلس حقوق الإنسان لمهمته ومتابعة شكاوى المواطنين والاستمرار فى زياراته الميدانية» (المقصود السجون وأقسام الشرطة).
وليس سرا أن الرئيس السيسى طلب من محمد فايق أن يعد ملاحظات عن أداء وزارة الداخلية وبالذات جهاز الأمن الوطنى بعد ورود شكاوى من المواطنين عن سوء المعاملة وزيادة حالات القبض خارج نطاق القانون وما ترتب عليه من زيادة الاحتقان فى الشارع المصرى.
والوزير محمد فايق: (حينما أقول الوزير لأن من تقاليد الدولة الغربية أن الوزير السابق يظل يحتفظ بلقبه بعد خروجه من الوزارة)، على اتصال دائم بالقيادات الرئيسية فى الدولة مثل وزير الداخلية ووزير شؤون مجلس النواب مجدى العجاتى الذى التقى به أخيرا لاستعراض مشروعات القوانين التى انتهى المجلس القومى من إعدادها لعرضها على البرلمان بعد انتقاده من خلال اللجنة التشريعية للمجلس القومى وهى نحو 12 مشروع قانون فى مجال الحريات وبالذات قانون التظاهر ومكافحة التعذيب ومنع التمييز، ودور العبادة والخدمة المدنية.
أما محمد فايق من ناحيته فقد أصدر بيانا بمناسبة اليوم العالمى لحقوق الإنسان الذى يوافق 10 ديسمبر من كل عام وطالب العالم أجمع بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز وحماية هذه الحقوق دون تمييز كما طالب بإنهاء التدخلات الخارجية التى تؤدى لاشتعال الحروب الأهلية. كما أضاف محمد فايق أن اليوم العالمى لحقوق الإنسان هو فرصة للتذكير بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل إعلاء الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
هذه بعض لقطات من دور القائد لحركة حقوق الإنسان... والذى يتبين منه أنه فعلا قدرة ونموذج يحتذى به. ليت قيادات كثيرة من المؤسسات يحذون حذوه فيؤدون بمقدرة مسؤوليتهم أما الوطن والمبادئ السامية التى بنى عليها حقوق الإنسان.
بقى أن نتذكر دور محمد فايق حينما كان وزيرا للإعلام تحت رئاسة الزعيم جمال عبدالناصر، لا يوجد إنسان ممن عملوا فى مجال الإعلام إلا ويذكر بكل التقدير كيف أنه كان لديه دور خلاق ويبتكر فيه أفكارا جديدة.
وأذكر بعد لقائى مع الرئيس جمال عبدالناصر فى 67 مع المفكر الفرنسى جان بول سارتر وكذلك الكاتبة سيمون دى بوفوار والكاتب اليهودى كلود لانزمان الذى أخذ ثلث الوقت على الأقل فى الحوار مع جمال عبدالناصر، وفى لقائى المنفرد معه، تكلمنا عن تاريخ الطالب المشاغب (على السمان) من 58 إلى 67، وهو يسألنى لماذا لم أختر طريق التعاون وحين أجبته بصراحة أن من يمثلونه فى فرنسا لم يطلبوا منى التعاون ولكن أن أكون مخبرا أنقل إليهم أخبار شباب الحى اللاتينى.. وابتسم الرئيس وهو يقول لى لن يتشابه بالنسبة لك الغد مع الأمس، وفى اليوم التالى طلب من الأخ العزيز الأستاذ سامى شرف ذراعه اليمنى أن يطلب من الوزير محمد فايق أن يتم تعيينى فى أحد المواقع الإعلامية بباريس، وذهبت للقاء محمد فايق وتم الاتفاق على المهمة واختار لى أن أكون مراسلا للإذاعة والتليفزيون ووكالة أنباء الشرق الأوسط.
وكان قرار محمد فايق هو أول تجربة لنظام المراسلين فى الخارج، تحية تقدير وإجلال لمحمد فايق شخصية ذكية ووطنية وخلاقة.