داعش وأعياد الميلاد!

أحمد أبو هميلة الخميس 07-01-2016 21:17

يراودنى هذا السؤال كثيراً، هل يعرف داعش شيئاً اسمه عيد ميلاد؟ لا أقصد عيد ميلاد المسيح عليه السلام تحديداً، ولكنى أقصد عيد الميلاد عموماً، فنحن لا نسمع سوى عن داعش يذبح، داعش يقتل، داعش يحرق، كل أفعالهم متعلقة بالموت، فهل ترى يعرفون شيئاً عن الميلاد والبدايات؟! لو طلب منى أن أرسم رسماً كاريكاتورياً عن داعش واحتفالات عيد الميلاد، لرسمت أحد عناصر داعش مرتدياً حزاماً ناسفاً وهو يحتضن شجرة كريسماس عبارة عن مجموعة من القنابل العنقودية!
سلالة داعش ليست غريبة على البشرية، فقد رأينا عبر التاريخ حركات طريقها الخراب ومعاداة الحياة، مثل التتار وما فعلوه من قتل للأبرياء وتدمير للحضارة، حتى إنهم ألقوا بكتب العلم في نهر دجلة ليعبروا عليها، ولكن كانت نهايتهم؟ الفناء، وسادت سنة الله وهى التعمير والسلام.
يذهب البعض إلى القول إن داعش صنيعة المخابرات الأمريكية والصهيونية، والبعض الآخر يقول إنه تنظيم إرهابى نشأ من خلال تبنى الأفكار الجهادية التكفيرية. لم يعد يشغلنى كثيراً كيفية نشأته، فقد أصبح أمراً واقعاً مريراً لا يمكن الاختلاف عليه، وفى رأيى أنه إن لم يكن صنيعة مخابرات أجنبية فإنه يقدم لهم بأفعاله خدمات جليلة لم يكونوا يحلموا بها يوماً ما، فلن تجد أي جهة تريد تشويه الإسلام، أفضل من ذلك الاسم «الدولة الإسلامية» خاصةً عندما تلتصق به مثل تلك الأفعال.
في وسائل الإعلام الغربية لا يذكرون كلمة داعش، وإنما المسمى الوحيد لديهم «الدولة الإسلامية»، هكذا دون حتى ذكر كلمة تنظيم، أو ذكر المسمى الكامل «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وبذلك يتم اختزال الإرهاب في كلمة واحدة، الدولة الإسلامية، تخيل انطباع المواطن الأجنبى البسيط وهو يرى كل ذلك الإرهاب حوله في المسارح والملاعب والمطاعم ولا يسمع في الإعلام سوى جملة، إنها الدولة الإسلامية تحاربنا.. عندها لا تستغرب تصريحات مرشح الرئاسة الأمريكى دونالد ترامب عندما طالب بمنع المسلمين من دخول أمريكا، فإنه لم يكن يعبر عن رأيه وحده، وإنما رأى قطاع من الأمريكيين، أراد أن يغازله خاصة في مرحلة انتخابات.
لم يفكر أحد في مبررات ترامب لقول ذلك بقدر الانشغال بالهجوم عليه، فعلينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، ونعترف أن المواطن الغربى أصبح قلقاً من الإسلام، ونحن هنا لانزال نقول داعش ونخجل أن نذكر مصطلح «الدولة الإسلامية» الذي يتردد في جنبات أوروبا وأمريكا بالصوت العالى ودون استحياء.. المعركة كبيرة، سواء في القضاء على داعش، أو مواجهة الاستراتيجية المنظمة لتشويه صورتنا، بينما نحن مشتتون ومنقسمون، فلابد أن تكون لدينا استراتيجية مضادة متكاملة، إن كانت صورة الإسلام تهمنا حقاً ومعها صورة العرب.
ما يشغلنى الآن هو من نسميهم الدواعش الجدد، أولئك الذين يحرمون علينا كل جميل، يتدخلون في أدق تفاصيل حياتنا بالتحريم والتحليل، يحرمون تهنئة الأقباط، وحرموا علينا الاحتفال بالعام الجديد، بينما يحللون زواج المتعة، أفكار وعادات غريبة على مجتمعنا.. لذا فأنا أطالب الدولة والبرلمان الجديد بسن تشريعات تجرم الفتوى على من لا يحمل رخصة بها، لا أعترف إلا بمؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء، فهل كل من قرأ عدة كتب يصبح مفتياً، إنها مسؤولية لها قدسيتها.. وعلى وسائل الإعلام ألا تروج لتلك الفتاوى، فالجماعات المتطرفة تستقطب الشباب المتدين من خلالها، حتى يقنعوه في النهاية بأن يفجر نفسه.
وفى الختام فإننى على يقين أن التنظيم سينتهى، تلك سنة الله في الأرض، وستبقى مصر جميلة معتدلة وسطية كما عهدناها عبر السنين.. وقانا الله شر داعش وشر الدواعش الجدد.