أحمد حسنين باشا.. الرجل «الحديدى» معشوق النساء

الجمعة 20-02-2009 00:00

رجل «حديدى»، وحادث «غامض».. وملفات «خطيرة» كان يتولاها أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى، فى عهد الملك فاروق، الذى أمسك بقبضة قوية على مقاليد الأمور داخل السراى، حتى رحيله فى حادث سيارة، عقب خروجه من الديوان الملكى، بعد سنوات من الضجيج والسلطة والعلاقات النسائية.

يوم الثلاثاء 19 فبراير 1946 وبعد مراجعة أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى، بعض الملفات المتعلقة بالأحداث والشخصيات المحفوظة فى مكتبه بالديوان، وفى الثالثة ظهرًا غادر مكتبه واستقل سيارته عائدًا إلى منزله القريب من ميدان عبدالمنعم بالدقى، كان المطر غزيرًا،

وبينما كانت سيارته تجتاز كوبرى قصر النيل كانت هناك سيارة «لورى» تابعة للجيش الإنجليزى تسير فى الاتجاه المعاكس فإذا بسائقها يفقد السيطرة عليها وانزلقت عجلاتها بفعل المطر واستدارت فى شكل نصف دائرة لتصدم سيارة أحمد حسنين،

وربما من قبيل الترتيب القدرى فقد جمع هذا المشهد أيضًا سيارة أحمد عبد الغفار باشا صديق أحمد حسنين، منذ أيام الدراسة فى أكسفورد، الذى أصبح وزيرًا للزراعة فى وزارة النقراشى التى استقالت قبل هذا الحادث بأربعة أيام على عكس ما ذكر محمد التابعى فى كتابه «أسرار الساسة والسياسة» وقال فيه إن عبدالغفار كان وزيرًا للزراعة حينما وقع الحادث.

حضر إسماعيل صدقى لمكان الحادث وتم نقل حسنين باشا إلى مستشفى الأنجلو أمريكان حيث كان أسلم الروح.

أما عن سيرة أحمد حسنين باشا فهو ابن الشيخ الأزهرى «الفلاح» خريج جامعة أكسفورد، وفوق هذا صهر للعائلة المالكة، فقد كان زواجه الأول من ابنة مطلقة الملك فؤاد «الأميرة شويكار»، ثم تزوج عرفيًا من المطلقة الثانية للملك فؤاد الملكة نازلى،

وهو من أول من قادوا الطائرات وحاول أن يكون أول مصرى يقود طائرته الخاصة بمفرده من أوروبا إلى مصر، وسقطت به الطائرة مرتين الأولى فى فرنسا والثانية فى إيطاليا ونجا فى المرتين، إلا أنه لم ينج من حادث اصطدام سيارة اللورى الإنجليزية بسيارته فوق كوبرى قصر النيل فى ليلة ممطرة،

وهو أيضًا بطل دولى فى لعبة الشيش، وراعى فاروق فى سنوات بعثته حينما كان أمير الصعيد. كما لا يمكننا أن ننسى أنه كان رحالة مكتشفًا لمجاهل الصحراء المصرية فاكتشف واحة الكفرة ونال الميدالية الذهبية من الجمعية الجغرافية الملكية فى لندن،

وانهالت عليه الأوسمة والنياشين من مختلف دول العالم وعرضت عليه أمريكا أن يلقى محاضرات عن رحلاته الاستكشافية فى الصحراء على أن يلقيها وهو يرتدى الزى البدوى فرفض أن يكون «أراجوزًا» لكى يرضى الأمريكيين مقابل 25 ألف دولار، عمل حسنين مساعد مفتش بوزارة الداخلية ثم منتدبًا لمفاوضة إيطاليا بشأن الحدود الغربية عام 1924، ثم أمينًا للملك فؤاد، وقد تولى رئاسة النادى الأهلى ونادى السلاح الملكى.

لم يكن أحمد حسنين بطلاً غير أنه لم يكن خائنًا لبلاده على حد توصيف محمد التابعى، وإنما كان رجلاً ذا مطامع واسعة نجح فى إخفائها وراء قناع من التجرد والزهد فى المناصب وربما ادعاء الجهل بالسياسة وأسرارها، كان يتطلع لأن يكون رئيسًا للوزراء لكنه لم يمض فى سبيل تحقيق هذا فى طريق مستقيم وكان ميكيافيللى النزعة والمنهج، وكان نحيل القامة رشيقًا متأنقًا وسيمًا فكان محط أنظار النساء، وأمكنه الوصول إلى المصاهرة الأولى من ابنة مطلقة الملك فؤاد، فثبت بذلك أولى خطواته باتجاه السلطة، وبعد الزواج والعشرة والأبناء والحب الحقيقى لها بعد الزواج طلقها.

لم يكد الملك فؤاد يرحل عن الدنيا فى 26 أبريل عام 1936، ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى كثر الهمس بين موظفى القصر والأوساط المتصلة به عن الأرملة الطروب نازلى، التى حطمت قيودها وتمردت على عقالها، لتعوض ما تم إهداره من سنوات عمرها داخل القصر.

كثر الهمس داخل القصر، لكن هذا الهمس لم يطل أحمد حسنين باشا فقط، وإنما طال عمر فتحى أيضًا «البكباشى الياور» وترامت فحوى هذا الهمس إلى زوجة أحمد حسنين «الرقيقة التى تحبه» وتطور الهمس إلى شائعات وأخبار وروايات حول ملكة مصر وزوجها ولقد بلغت الغيرة ذروتها مع لطفية زوجته وبلغ بها الشطط حتى إنها كتبت أزجالاً صريحة تهجو فيها الأسرة المالكة وتعرّض بها، ولم يكن الأمر مجرد تفريج لغيظها وإنما ترويج لما ينطوى على «تجريس» الأسرة المالكة، ووضعت زوجها حسنين باشا فى مأزق حيث الخيار إما هى أو نازلى.

واستدعى الملك فاروق «رائده الأسبق» ورئيس ديوانه اللاحق حسنين باشا وقال له «مراتك اتجننت يا حسنين» شوف لك طريقة معاها وبسرعة، فعاد حسنين لزوجته وقال لها إنها عابت فى الذات الملكية «فؤاد ونازلى وفاروق» وعليها أن تعتذر لنازلى وتلتمس الغفران منها وتنكر ما نسب إليها وتؤكد ولاءها، لكنها رفضت وتمادت فيما أقدمت عليه وخرج حسنين من عندها وهو يضرب أخماسًا فى أسداس وبات لزامًا عليه أن يقوم بالخيار الصعب إما الاحتفاظ بزوجته ويضحى بمكانته فى القصر أو يضحى بزوجته فكان الخيار الثانى حيث الزواج العرفى بالملكة.