«شروط حظر استيراد 50 سلعة».. روتين حكومي أم حفاظ على الصناعة الوطنية؟

كتب: محمد عباس الأربعاء 06-01-2016 15:55

في خطوة تستهدف الحد من فوضى الاستيراد العشوائي من الخارج وتشجيع المنتج المصري أمام المنتجات الأجنبية في ظل شح موارد البلاد من العملة الصعبة، بعد ارتفاع حجم استيراد السلع غير الاستراتيجية لـ6 مليارات دولار، وفي نفس الوقت تشجيع الصناعة المحلية والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي، أقر المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، قائمة بـ50 سلعة يمنع استيرادها إلا بعد تسجيل اسم المصنع الذي ينتج هذه السلع والمنتجات بسجل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.

ويأتي قرار وزير الصناعة والتجارة بعد أن ذكرت تقارير صحفية، الشهر الماضي، أن البنك المركزي المصري قدّم 7.6 مليار دولار على مدى الشهرين الأخيرين لتغطية طلبات الاستيراد للسلع الأساسية والمواد الخام وسداد المستحقات المعلقة للمستثمرين الأجانب.

ووصل حجم الواردات المصرية نحو 68 مليارو 376 مليون دولار في نهاية عام 2014، منها ما لا يقل عن 6 مليارات دولار سلع غير استراتجية، وفقًا لإحصائيات وزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لعام 2014.

وأكد الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، أن قرار وزير الصناعة، المهندس طارق قابيل، بحظر استيراد 50 سلعة إلا بعد تسجيل اسم المصنع الذي ينتج هذه السلع والمنتجات بسجل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، كان يجب أن يكون في إطار تنموي ومرتبط برؤية قومية حتى لا تتكرر تجربة وزير الصناعة الأسبق،رشيد محمد رشيد، على حد قوله.

ويقول «فاروق»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الأربعاء، «القرار الصادر من وزير الصناعة مهما لوقف حالة الاستنزاف وتقليم أظافير التجار من رجال الأعمال، الذين يتآمرون على مصلحة البلد باستيراد السلع المستوردة الرخيصة، لكن في الوقت نفسه له آثار سلبية من زيادة الإجراءات الحكومية وخلافه».

وطالب «فاروق» بضرورة استكمال القرار بتطبيقه على قطاع التجارة خلال الفترة المقبلة، وعلى السلع الاستراتيجية، مثل القمح والسكر والحديد والصلب، وذلك حتى لا يكون القرار لخدمة أصحاب مصالح معينة.

وكان هشام رامز محافظ المركزي المصري السابق، طالب في سبتمبر الماضي، بترشيد الاستيراد العشوائي، الذي يلتهم الموارد المحدودة لمصر من العملة الصعبة.

ولفت «رامز»، خلال حوار على فضائية «سي بي سي»، إلى أننا استوردنا هذا العام بمعدلات أعلى من العام الماضى، مثلاً استوردنا تفاح أحمر بقيمة 400 مليون دولار، بالإضافة إلى استيراد سيارات بـ3.2 ملياردولار خلال العام المالي.

ويرى إبراهيم الغيطاني، الخبير الاقتصادي، مدير وحدة الاقتصاد بالمركز الإقليمي بالقاهرة، أن القرار يستهدف ضبط الاستيراد العشوائي من الخارج، وتشجيع المنتج المصري أمام المنتجات الأجنبية في ظل شح موارد البلاد من العملة الصعبة، بعد ارتفاع حجم استيراد السلع «الاستفزازية» لـ6 مليارات دولار، على حد قوله.

ويؤكد «الغيطاني»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الأربعاء، أن قرار وزير الصناعة جاء بعد أن ذكرت تقارير صحفية، أن البنك المركزي المصري قرر اتخاذ قرارات عديدة لضبط عملية الاستيراد من الخارج.

وبحسب قرار وزير التجارة والصناعة، شملت القائمة المنسوجات والمفروشات والسجاد والبطاطين والأحذية، بالإضافة إلى حديد التسليح والملابس الجاهزة، والدراجات العادية والنارية والمزودة بمحرك، والأجهزة المنزلية، والساعات، والمياه المعدنية والطبيعية والمياه الغازية، وغيرها من السلع.

وبحسب القرار ذاته، يتم تسجيل بلد المنشأ بالسجل الموجود بالهيئة، وصورة من التراخيص الصادرة للمصنع، وشهادة بالكيان القانونى له، والأصناف التي ينتجها، والعلامة التجارية الخاصة بالمنتج، والعلامات التجارية التي يتم إنتاجها بموجب ترخيص من الجهة المالكة لها، وأن يطبق المصنع نظامًا للرقابة على الجودة، وأن تكون هذه الشهادة من جهة معترف بها دوليًا من الاتحاد الدولى للاعتماد، وإقرار من المصنع بقبول التفتيش من فريق فنى للتأكد من استيفاء معايير البيئة وكفاءة العمل، ومنع الاستيراد من تاجر إلى تاجر، وأن يقتصر فقط على مصانع مسجلة.

ويرى عبدالفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج، أن قرار وزير الصناعة، المهندس طارق قابيل، بتنظيم استيراد 50 سلعة، من بينها الملابس الجاهزة والمنسوجات والمفروشات، أول خطوة حقيقية تتخذها الحكومة للحفاظ على الصناعة الوطنية ووقف نزيف الاحتياطي الأجنبي.
وبلغت الاحتياطيات الأجنبية للبلاد 16.423 مليار دولار في نهاية نوفمبر الماضي.

ويقول رئيس النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج، في تصريحات صحفية، «القرار الصادر من وزير الصناعة يمثل ضربة قاضية لعدد من رجال الأعمال، الذين يتآمرون على مصلحة البلد وتعمّدوا تخريب الصناعة الوطنية حتى لا يصبح هناك بديل أمام المصريين سوى الاعتماد على السلع المستوردة».

ويشير رئيس النقابة إلى أن ذلك القرار يمثل قُبلة الحياة لمئات الآلاف من العمال المصريين الذين يعملون في الصناعات المصرية، خاصة بعدما تسبب استيراد المنتجات الأجنبية في إغلاق مصانعهم وتشريدهم في الشوارع أو خروجهم على المعاش المبكر، مؤكدا أن القرار يصب في صالح الاقتصاد القومي والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي الذي يتناقص بسبب استيراد هذه السلع.

وطالب رئيس النقابة بضرورة دراسة الحكومة مقترحًا بزيادة الرسوم الجمركية على هذه السلع خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها الصناعات صاحبة العمالة الكثيفة، مثل الغزل والنسيج أو الصناعات الاستراتيجية، ومثل السكر والحديد والصلب، خاصة بعدما أثبتت الحكومة أن اليد المرتعشة رحلت بلا عودة.