طبول الحرب.. وعائدات البترول!

عباس الطرابيلي الثلاثاء 05-01-2016 21:07

هكذا تكتمل، بعد أن اتضحت الأبعاد، تلك الحرب الشرسة ضد العرب وضد المنطقة.. وتتلاقى أهداف الفرس الطامعين من الشرق مع أحلام الدواعش من الشمال.. ومخططات أمريكا وأوروبا فى ليبيا من الغرب، والهدف الأساسى: هو عائدات البترول الكبيرة فى السعودية ودول الخليج.. والسيطرة على منابع البترول من العراق شمالاً إلى اليمين جنوباً.. ثم إلى ليبيا غرباً.. إذن: فتش عن البترول!!

وكما أضاءت أمريكا الضوء الأخضر أمام صدام حسين لكى يرتكب جريمته الكبرى ويحتل الكويت، فى أغسطس 1990، ثم حرب تحرير الكويت فى فبراير 1991، وهى الحرب التى استهدفت استنزاف عائدات البترول الكويتى والسعودى والإماراتى، واضطرار هذه الدول للسحب من صناديق المستقبل أو الأجيال القادمة.. ثم تكاليف وأعباء إعادة تعمير الكويت، كل ذلك كان هدفه إعادة سرقة عائدات البترول منذ أخذت ترتفع عقب حرب أكتوبر 1973، وها هى نفس الظروف تشتعل فى المنطقة من جديد، وبعد أقل من ربع قرن.. والهدف أيضاً - هذه الأيام - هو استنزاف عائدات البترول العربية، ولكن لسحب ما تجمع منها منذ حرب الخليج الثانية.. وإلى الآن، كأن الغرب «يستكثر» أن يحصل العرب على الثمن العادل لبترولهم.

وما يجرى فى المنطقة يؤكد مخطط الغرب لسرقة هذه العائدات، سواء عن طريق صفقات السلاح الهائلة التى يتعاقد عليها العرب.. أو على أعباء إعادة ما تخلفه هذه الحروب من دمار.. وبالطبع مع إيقاف أى حلم عربى لبناء دولة عربية قوية فى المنطقة.. وما يجرى فى المنطقة خير مثال.

ها هى العراق قد تم تدميرها وتقسيمها.. بل وخروجها من خندق المقاومة العربى، منذ احتلتها القوات الأمريكية.. إلى أن وقعت العراق تحت النفوذ الإيرانى الفارسى، وهكذا تحقق الانتقام الفارسى من العراق العربى، الذى كان.. ثم ما تبع ذلك من تدمير كل سوريا وسرقة بترولها - مع البترول العراقى - وطرحه للبيع بأبخس الأسعار.. عبر تركيا، وما أدراكم ما هى الأطماع التركية العثمانية.

وتدفع إيران عملاءها الحوثيين فى اليمن للسيطرة على مدخل البحر الأحمر، وتفرض حصاراً - من الجنوب - على السعودية، مع ما يمثله اكتشاف البترول فى اليمن، بكميات واعدة.. ثم أيضاً أصابع إيران الخبيثة فى سوريا، للوصول إلى مياه البحر المتوسط.. وإذا كان البترول ليس وفيراً فى سوريا.. إلا أنه كبير فى اليمن.. والهدف هو تدمير هذا اليمن، الذى كان سعيداً ثم بات شقياً، لاستنزاف عائدات البترول الصاعد، فى عمليات إعادة بناء اليمن المدمر بشدة.

واستكمالاً لمخطط استنزاف عائدات البترول العربى.. نجد الجبهة الغربية فى ليبيا تفتح خزائنها لسحب مليارات عائدات البترول الليبى.. عندما نجحت فى دفع «داعش» لتركيز عملياتها الحربية فى ليبيا.. بعد أن تركزت عمليات القصف الروسى لقواعد الدواعش فى سوريا والعراق، ليس فقط لسحب رصيد ليبيا من عائدات قديمة للبترول رغم تبذير وسفه الأخ العقيد القذافى، ولكن أيضاً لسحب ما سوف يستجد من عائدات بترولية مستقبلية هناك.. وبالتالى تعود ليبيا إلى نقطة الصفر.. وكأنها لم تعرف مزايا العصر البترولى.

وإذا كانت ليبيا بعيدة جغرافياً عن الجزيرة العربية، ومركزها السعودية، وجناحيها الإمارات والكويت، إلا أن الهدف الأساسى هنا هو ضرب مصر، الدولة العربية الأكبر فى أفريقيا.. وتقابل بذلك السعودية، وهى الدولة العربية الأكبر فى آسيا.

وواضح أن الهدف الأساسى للمخطط الغربى هو ضرب هاتين الدولتين القويتين: مصر والسعودية.. اقتصادياً وعسكرياً، وهنا نضع فى الاعتبار أيضاً أن تونس دولة بترولية، إلى حد ما، وكانت إحدى دول الأوابك العربية.. ثم غربها تقع الجزائر، وهى أكبر دولة بترولية عربية فى أفريقيا، بفضل ما تملكه من بترول ومن غاز طبيعى.

** إذن هدف المخطط الأول هو استنزاف أو استعادة ما سبق للغرب أن دفعه ثمناً لما سبق أن استورده من البترول العربى.. وكأن الغرب كله يستكثر أن يمتلك العرب هذه الثروة البترولية، أو ينعم بعائداتها المالية لخير شعوبه.

هو فعلاً هذا البترول.. وما لم يسحبه الغرب من عائدات ثمناً للسلاح.. سوف يسحبه الغرب من خلال شركاته التى سوف تستحوذ على الحصة الأكبر من عمليات إعادة بناء ما يدمره هذا المخطط التدميرى الخطير.. ضد المنطقة العربية.. فهل هذه هى لعنة البترول.. أم هو الصمود العربى ورغبة العرب فى بناء حضارة قوية لينعم شعبها - فى آسيا وأفريقيا - بخير هذه العائدات؟!

وفتشوا عن البترول فى البداية.. وفى النهاية.