هيكل يؤيّد كامب ديفيد وقْفة تاسعة مع الأستاذ

أحمد المسلمانى الثلاثاء 05-01-2016 21:08

( 6 ) نقل الأستاذ هيكل المعادلة من «الصراع مع أمريكا» إلى «الصراع على أمريكا».. ومن الثقة فى موسكو واليأس من واشنطن.. إلى مواجهة موسكو والرهان على واشنطن.. وهذا هو الإطار الفكرى الذى روّج له «الأستاذ» قبيل وأثناء حرب أكتوبر.. وهو نقيض ما ذكره بعد سنوات.. وبعد أن نسِىَ القرّاء ورَحَلَ السادات.

كانت رؤية الأستاذ هيكل هى القيام بحرب تحريك.. حرب محدودة.. من أجل التسوية السياسية.. وأنْ تكون الولايات المتحدة هى الراعى الوحيد لها. وإلى حضراتكم النصوص التالية:

فى مقال «هيكل» بالأهرام 17 مارس 1972 بعنوان «سيادة العقل».. أعلن «الأستاذ» أنه مع: «الحل السياسى.. الذى تسانده قوة عسكرية.. لا الحلّ الدبلوماسى فقط، ولا الحلّ العسكرى المُطلق».. «لابد أن نفهم أن الولايات المتحدة لن تتحرّك إذا تحرّكت إلا تحت ضغط، وإلاّ فماذا يدفعُها إلى الحركة؟.. القوة العسكرية.. نعم، ولكن وفقًا لموازين العصر.. وفى إطار سياسى شامل».

وفى مقال هيكل بالأهرام 24 مارس 1972 بعنوان «نوع الحرب الممكنة.. والضروريّة» يقول الأستاذ: «الهدف من الحرب هو التأثير فى الوضع السياسى.. معنى ذلك أنها حربٌ محدودة.. محدّدة الهدف».. ثم يواصل «الأستاذ» قائلاً: «ليكُن أن مصر تشعر أن طاقتها تحتمل أن تحرِّر بالقوة المسلحة ولو مائة كيلومتر مربع فقط من أراضيها.. وسوف تحتفظ بها فى وجه أى هجمات مضادة من العدو.. هذا يغيّر صورة الأزمة كلها.. ويفتح الباب لتطورات مباشرة فى مجرى الصراع».

( 7 ) يعلِّق الدكتور فؤاد زكريا على هذه النصوص قائلاً: «كان تصّور (هيكل) للحرب أن هدفَها التحريك فقط.. وتحريك الولايات المتحدة بالذات.. وليست أىّ دولة أخرى.. وهذا هدف الحرب.. ألا يعنى ذلك أنه مع السادات فى أنّ كل أوراق اللعبة فى يد أمريكا؟».. «تأمل معى كلام هيكل.. وهو الذى أقام بعد ذلك ضجّةً حول مذكرةٍ سريّة من محمد حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى إلى نظيره الأمريكى هنرى كيسنجر.. وتحدث فيها عن نوايا مصر فى جعل الحرب محدودة.. ألم يقل هيكل أكثر من هذا قبل وقوع الحرب.. وفى مقالاتٍ علنيّة لا مذكراتٍ سرية؟!».

( 8 ) الصافى من هذا التحليل.. أن الأستاذ هيكل كما ظهر فى «الفضائيات» وكما جاء فى كتبه المتأخرة.. هو غيْر الأستاذ هيكل كما كتب فى الأهرام.. وقت أن كان صديقًا وشريكًا.. مديرًا للحملة الانتخابية وناطقًا باسم السادات.

نوجز- إذن- الحقائق التالية: الحقيقة الأولى.. أن «الأستاذ» كان مع طرْد الخبراء السوفييت.. وقد مهّد للقرار قبل أن يصدر، وامتدح القرار بعد أن صَدَر.

والحقيقة الثانية.. أن «الأستاذ» كان مع «حرب تحريك» و«حرب محدودة».. تقوم بعدها الولايات المتحدة برعاية عملية سياسية.. أى أن الأستاذ.. قام بالدعاية لنهج كامب ديفيد.. حتى قبل أن تقع الحرب.

الحقيقة الثالثة.. أن «الأستاذ» قد كتب فى العلن ما قال إنه كان سرًّا بين السادات ومستشاره.. وأن «الأستاذ».. صاحب مقولات «التحريك» و«الحرب المحدودة».. و«المائة كيلومتر».. قد بنى كل رؤيته على أن تحلّ الولايات المتحدة محلّ الاتحاد السوفيتى.. فى الحرب والسلام.

والحقيقة الرابعة.. أن «الأستاذ» كان جريئًا- كعادته- فلم يُراجع ما سبق أن كتب.. ولم يعتذر عمّا سبق أن طرح.. ولم يشرح لنا أبعاد «الانقلاب الأول».. مع السادات، ولا أبعاد.. «الانقلاب الثانى» على السادات.

يبقى القول.. على السادة القرّاء وعلى المؤرخين الجُدُد.. الذين يقرأون كتب «الأستاذ» عن الصراع العربى الإسرائيلى.. وعن الحرب والسلام.. وعن عصر أنور السادات.. أن يتذكروا دومًا تلك الحقيقة: كان «الأستاذ» أول من دَعَا إلى مفاوضات كامب ديفيد.

.........................

إلى الوقفة العاشرة.. بمشيئة الله.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.