تخلصوا من وزراء الفرخة البيضة.. فالفرخة البلدي تتميز بالطعم واللون والرائحة، لأنها من سلالة أصيلة، وعارفة هي بتعمل إيه، وطريقها يبتدي من الست الحاجة اللي بتديلها بواقي الأكل اللي في البيت، أو حبات القمح، التي تنثرها في حوض البيت الفلاحي، فتتدافع الفرخة لتلتقط الحبة، ويتجمع حولها الحمام البلدي الجميل.
فضلنا نعتمد مدة طويلة على أكل البيت من البيت، لغاية لما دخلنا عصر الفرخة المتجمدة، ووقفنا في طابور الجمعيات علشان نحصل على كنز هو فرخة الجمعية، وبعدين طلعوا لينا بما يسمى الفرخة البلدي علشان الاحتياجات بتزيد، والفرخة البلدي معادتش بتكفي، ورغم أننا أنتجنا فرخة بيضاء بصورة مكثفة في الشركات الحكومية في البداية، وتم تخصيصها فيما يعد، ربما استطاعت أن تلبي احتياجات الاستهلاك المحلي إلا أنه من اللافت أنها فرخة بتملا البطون، وتفرغ العقول، تتوسط المائدة بلا شكل أو طعم، لدرجة إني فاكر زمان لما كانت أمي تجهز لي فرخة بلدي فأكل منها، وأروح أغسل إيدي من الطلمبة بالمياه والصابون إلا أن الطعم يستمر لعدة ساعات لدرجة أن أصحابي كانوا يعرفون أني كلت لحم فراخ اليوم.
عموما الكلام ده له معنى، ليس مقصودًا الفراخ البلدي أو البيضاء «فراخ الحكومة سابقا»، لكنه إسقاط على وزراء ما بعد ثورة 25 يناير، الذين يفكرون بمنطق الفرخة البيضاء، أو دجاجة التسمين التي تكون لحمًا ولا تنتج أجيالًا، عكس الفرخة البلدي، التي تمثل حياة البيت الفلاحي، واقتصاد ربة المنزل الريفية التي تربينا علينا، وأنفقت أمي على تعليمنا من إنتاج هذه الفرخة، وهو محل فخر لي ولغيري من أبناء الفلاحين، لكن الأهم أن وزراء ما بعد ثورتين لا يزالون متسمكين بمنطق الفرخة البيضة، وهو أنها ولدت لتذبح، ولم تولد لكي تنتج، وهو ما انعكس على غياب الرؤية وتحقيق الأهداف القومية لكل وزارة، فأنهكوا الاقتصاد، بمنطق: أنا أعمل ليه.. ده أنا جاي علشان بكرة ماشي، فالسيد معالي الوزير تحول إلى محولجي، لا رؤية له، ولاهدف، فضاع الاقتصاد، وأصبح الرئيس لا يمتلك أذرعًا لتنفيذ مخططه التنموي لإحياء الدولة المصرية التي ضيعها وزراء الفرخة البيضة.
طيب إيه الحل؟.. لازم خطاب التكليف يحدد مهام الوزير، ورؤيته لمواجهة التحديات التي تواجه قطاعه الخدمي أو الإنتاجي، حتي لا يكون هناك وزير بلا رؤية، ومن لم يستطع أن يواجه التحديات وينجز العمل من أجل الوطن وليس من أجل حفنة من الناس استحوذت على مقدرات وموارد الوطن، حتي أضحى الوزير تابعًا بلا هدف، وفي النهاية سيتحمل الرئيس الخطأ الكبير في اختيار وزراء الفرخة البيضاء، وربما يتم تصديرهم للمشهد السياسي عمدًا قاصدين إفشال الرئيس وقت الصعاب، فالوطن لا يحتمل تكرار تجارب الفشل، فنحن نحتاج إلى وزير يستند إلى فكر يقدم البلاد على العباد دون أن ينسيه أن القصدين هما غايته، وتحيا مصر.