قال الدكتور هاني سري الدين، الخبير الاقتصادي، رئيس هيئة سوق المال الأسبق، إن مصر في مرحلة انتقالية، ولا يمكن الاعتماد على المعونات والقروض، لأن الاستثمار الأجنبي كان متوقفا، وسط عجز للموازنة خلال الفترة السابقة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لدولة أن تقوم بالدعم الخارجي والمعونات.
وأضاف «سري الدين»، في حوار مع برنامج «الستات مايعرفوش يكدبوا»، إن «2016 سنة صعبة، لأن هناك عجز في موازنة السعودية والإمارات، ومن الطبيعي أن تعجل مصر بعملية الإصلاح الداخلي بسبب هذه الأمور»، متابعًا: «القوات المسلحة تدخلت في دعم الاقتصاد والجهاز الشرطي، ومصر فخورة بهذا».
وشدد على أن القوات المسلحة استكملت بعض البنى الأساسية ودعم السلع، وهذا دور هام، ولكن هذا لا يمكن أن يغنى عن مؤسسات الاستثمار، والمحليات، لافتا إلى أنه يجب تحديد الأولويات في مصر، سواء بتشجيع الاستثمار، وحل مشكلة الضرائب، ومنظومات الاجراءات والغاز والتمويل.
وأردف: «الاقتصاد حل مشكلاتنا السياسية، لأن جزء من الأزمة هو عجز الموازنة، وأنا أنظر للقروض على أنها حل مؤقت وليس بديل، وقرض البنك الدولي في 2011 رفضته وهو كان بهدف دعم الاقتصاد وعجز الموازنة ويعطي قبلة الحياة لمواجهة المشكلات، ونحن لدينا دين محلي زائد، وهذا يؤثر على الاقتراض الذي يذهب للقطاع الخاص، والأخير يحتاج إلى القروض لعمل مصانع ولعجلة الإنتاج، لذا نحتاج إلى دولارات والعمل مع المؤسسات الدولية».
وأوضح :«لدينا مشكلات محدة وجزء منها مرتبط بالظروف السياسية وعدم وجود مؤسسات، وفي الفترة الماضية كان الوضع أمن قومي لمصر، والآن لم تعد هذه معوقات، بل تحولت المعوقات إلى الجمارك مثلا، ونجحنا في المحافظة على الدولة والاستقرار السياسي، والبنك المركزي يقوم بسياسات مرتبطة بالسياسة النقدية، خاصة وأنه لدينا عجز في الاحتياطي النقدي، حيث أن هناك طلب على الدولار كبير، لأننا نستورد سلع ومستلزمات انتاج وغاز وما شابه، وهو ما سبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، والوسيلة الوحيدة لعودة الجنيه هو تقليل حجم الوردات وزيادة الصادرات، لذا يجب رفع معوقات الاستثمار في مصر».
وأكد« سري الدين» أن «الوسيلة الوحيدة هي الإجراءات الإصلاحية على المدى البعيد، ولا بديل إلا بإصلاح الجهاز المؤسسي، والتركيز كان في أولويات مختلفة الفترة المقبلة سواء البعد الأمني أو الاستقرار السياسي، وهذا وضع طبيعي، ودائما مصر لديها فرص استثمار في المنطقة، وتنوع في مصادر الدخل سواء بالسياحة أو الزراعة أو الصناعة، كما أن لديها مواقع بحرية وموانيء تصلح لتكون مصدرا للتجارة الدولية والربط بين الدول، ولدينا فرص عديدة للنمو والاستثمار».
وقال رئيس هيئة سوق المال الأسبق: «يجب أن نركز على القطاع المصرفي، وبجهازه الرقابي القوي، وجربنا هذا في سوق المال، وإصلاح الجهاز المؤسسي يجب أن يستمر، وبداية أي إصلاح في أي قطاع يكون بالناس الكفء، ونحتاج إلى هذا في كل قطاعات الدولة، لأن النجاح بالأشخاص، ويجب أن تكون هذه الرؤى واضحة، وقانون الاستثمار أعد بطريقة خاطئة، ولم يتم مراجعته بشكل جيد، وحدثت بسببه ثغرات، وللأسف القانون الذي صدر كان به عيوب، وأطالب السلطة التشريعية بإعادة النظر فيه لأن التعديلات كانت أسوء من تركه على حاله».
وتابع: «الإصلاح المؤسسي مهم ويجب التركيز على بعض القطاعات الأساسية بداية، ثم الانتقال للمؤسسات الأخرى بعد ذلك، وهذا لن يحدث إلا برؤية واضحة لعشرة سنوات تقريبا لإصلاح قطاعات بعينها مع المشروعات القومية والصغيرة وإصلاح شبكات الطرق، وننسى أن تحدث طفرة إلا لو حدث إصلاح في التعليم والمؤسسات».
وشدد على أن «الطابع الانقالي للحكومات المختلفة يجعل أي موظف يأخذ قرارات قوية، كما أنه يحدث تحرش من الرأي العام ضد المسؤولين، ويجب وجود سلطة برلمانية مستقرة وحكومة تدعمه، وهذا خروج من الطابع الانتقالي إلى الطابع المستمر، وأتمنى أن يحدث هذا بعد 10 يناير، كما أنه من المهم وجود رؤية واضحة لدعم السياسات، لأن الفكر السياسي يجب أن يتغير، ومن المهم التواصل أيضا مع الرأي العام، لأن هناك سوء تواصل بخصوص القرارات التي تصدر وهدفها، كما أن دور الجهات الرقابية هامة في هذه الفترة».