رئيس برلمان.. يا أولاد الحلال

عباس الطرابيلي الأربعاء 30-12-2015 22:29

لو تأكد اعتذار الرئيس منصور عن عدم التعيين فى البرلمان لدخلنا فى حسبة برما، وزادت التفرقة.. بل وتأخر بدء أعمال البرلمان الجديد!!

هنا تدور عدة تساؤلات.. أولها: هل ليس بين 596 عضواً من يصلح لرئاسة البرلمان الجديد.. أم أننا نلف وندور، حتى يعين رئيس الجمهورية من له حق تعيينهم.. فيتم اختيار رئيس البرلمان من بينهم، وأننا بذلك نسلم لرئيس الجمهورية - أيضاً - قيادة السلطة التشريعية.. أم أننا تعودنا على تعيين السلطان، لرئيس البرلمان.. منذ تم ذلك بتعيين محمد على باشا ابنه الأكبر إبراهيم باشا رئيساً لمجلس المشورة عام 1829 من 156 عضواً.. تم تعيين الخديو إسماعيل، إسماعيل راغب باشا، رئيساً لمجلس شورى النواب، فى نوفمبر 1866، بل تعود السلطان - وبالذات بعد يوليو 1952 - تعيين رئيس البرلمان الجديد، وكان بمثابة ممثل شخصى لرئيس الجمهورية من البغدادى إلى السادات إلى سيد مرعى وحافظ بدوى.. وحتى تعيين د. رفعت المحجوب رئيساً لمجلس الشعب فى عام 1984، أى أن سلطان مصر تعود أن يقوم هو بتعيين رئيس البرلمان.. ليضمن أن تظل فى يده كل السلطات السيادية والتنفيذية.. والتشريعية.. وهل هذا كان وراء رغبة الرئيس فى لقاء الرئيس السابق منصور، ليصبح هو رئيساً للبرلمان؟!

وهل أصبحت مصر - بذلك - فى ورطة، تدخلنا مرحلة من القلق والاختلافات، بل والصراعات.. وهل كان تعيين المستشار منصور رئيساً للبرلمان سيحل كل هذه المشاكل، على الأقل احتراماً لتاريخ الرجل وقدره ومكانته.. وكان ذلك «كان» سيجعل النواب «تتحسس» كلماتهم، وأسلوبهم حتى عند الاختلاف، سواء تحت القبة، أو حتى فى البهو الفرعونى ودهاليز المجلس.

أنا نفسى كنت أتوقع ذلك، فيما لو أصبح المستشار عدلى منصور رئيساً للبرلمان، وكنت أعتبر اختياره رئيساً للبرلمان مقدمة لنوع من الاستقرار التشريعى، فى هذه الفترة شديدة الخطورة.. ولكن الوضع سيختلف كثيراً، فى حال إصرار المستشار منصور على الرفض، مما يجعلنا نتوجس خيفة مما تخبئه لنا الأيام القادمة.

وندخل - بهذا الرفض - مرحلة جديدة من التوقعات.. بل ومن السلوكيات، بالذات مع برلمان لا تديره أغلبية قوية.. ورحم الله من تحكموا فى برلماناتنا الأخيرة، رغم وجود معارضة قوية بالذات فى برلمان 1984 بوجود هيئة وفدية قوية يقودها المستشار القدير ممتاز نصار.

وبمجرد أن يحسم موضوع المستشار عدلى منصور، سيزداد الصراع بين الأحزاب والتعدد العضوى تحت القبة، وبين المستقلين.. ولكن ترى هل يترك الرئيس السيسى موضوع تعيين رئيس البرلمان للمجلس الجديد.. أم يتمسك بمبدأ التعيين، وهذا أهم أسباب تأخير تعيين الـ28 عضواً الذين ينص على تعيينهم فى الدستور.. وهل يأتى رئيس لجنة الدستور - الدبلوماسى المحترم - عمرو موسى رئيساً للبرلمان الجديد.. أم هو وزير العدل - رئيس نادى القضاة السابق - المستشار أحمد الزند.. أم هو ثالث لا نعرف عنه شيئاً.. أم يا ترى يتخلى الرئيس السيسى عن فكرة التعيين، ويترك مهمة اختيار رئيس البرلمان لكل هذه التيارات الموجودة الآن فى البرلمان المنتخب الجديد.

هنا ندخل دوامة التحالفات، التى ما أسرع أن تتفكك عند أى اختلاف.. ويصبح رئيس البرلمان كمن يسبح فى بحر متلاطم الأمواج حتى بدون قارب نجاة.. أو مجرد طوق نجاة، ونشهد بذلك اختلافات رهيبة.. وما نعيشه الآن - ونحن بعد لم ندخل عمق اللعبة خير مثال.

هى فعلاً مشكلة.. وربما إذا تركنا للنواب اختيار رئيسهم ألا يحصل هذا الرئيس المنتخب على أغلبية الأصوات.. وبذلك لن يتمكن هذا الرئيس من إدارة الجلسات والمجلس، كما ينبغى وتدخل مصر فى متاهة رهيبة.. وبعد أن كنا نعانى من ضعف حكومة وغياب شخصية تنفيذية قوية تدير هذه الحكومة.. سوف نعانى كذلك من ضعف رئيس السلطة التشريعية، أى البرلمان، وهنا «سوف» تتجمع السلطات كلها فى يد رئيس الجمهورية، أى تصبح كل السلطات فى يد رئيس الجمهورية.. وبذلك «سوف» ننتج - وبإرادتنا أو رغماً عنا - الرئيس الحاكم الأوحد.. وهذا يعنى أن استمرار خلافاتنا السياسية، والتعدد الحزبى وغياب أغلبية واحدة قوية، سوف يجعلنا نعود سريعاً إلى الحكم الواحد.. والرئيس الواحد.. والسلطان الواحد.

حقاً.. هى معضلة.. ومن يا ترى سيكون رئيس البرلمان القادم؟! واقرأوا المقال من بدايته، ويبقى السؤال: متى إذن ينعقد البرلمان القادم؟!