«.. ثم تدخل الرئيس السيسى لحل المشكلة وإنقاذ الموقف..»..!
تكررت هذه العبارة كثيراً فى الصحف ووسائل الإعلام المختلفة خلال الفترة الأخيرة.. تنطلق «الطوبة العشوائية» فتلبس فى رأس شخص أو جهة أو قضية.. تشتعل النيران.. وتدور الأسئلة فى رأس مصر وتلف المدن والقرى والنجوع.. نفس الأسئلة: من.. لماذا.. كيف.. ولأى هدف..؟!.. تلتزم «اللادولة» الصمت المطبق.. وكأن أحداً لم يفعل شيئاً.. ثم يضطر الرئيس السيسى للتدخل لإنقاذ الموقف..!
فعلها «الريس» مرات ومرات.. آخرها ما حدث فى المكالمة الهاتفية «الكوميدية» بين أحمد زكى بدر، وزير التنمية المحلية، ورضا عبدالسلام، محافظ الشرقية «الذى أصبح سابقاً».. صلى «بدر» الجمعة.. ثم أمسك «موبايله» وطلب المحافظ «روح اقعد فى بيتكم»!.. لم يعرف أحد فى الحكومة، ولا غيرها، أن «بدر» سيقول للمحافظ ذلك.. ولم يعلم أحد فى الحكومة، ولا غيرها، أن «المحافظ» جهز قنبلة موقوتة سيفجرها فى وجه الجميع.. «ثم تدخل الرئيس لوقف المهزلة»..!
من قال لـ«زكى بدر» افعل كذا؟!.. لا أحد يعرف.. ولا أحد سيعرف.. ومن سمح للمحافظ بهذا القدر من «الرعونة».. لا أحد يعرف.. ولا أحد سيعرف.. لماذا..؟!.. انتظر قليلاً لـ«نفهم» سوياً..!
خذ مثلاً.. ما حدث مع رجل الأعمال «صلاح دياب، وابنه توفيق».. دخلت «كتيبة أمن ملثمة» غرف نومهما فجراً فى منطقتين متباعدتين.. كانت «ساعة الصفر» واحدة.. تماماً مثلما حدث الساعة «الثانية وخمس دقائق» فى السادس من أكتوبر 1973.. حققت قوات الأمن انتصاراً كبيراً حين التقطت الصور لـ«صلاح وتوفيق دياب» بـ«الكلبشات»، وأرسلتها لوسائل الإعلام.
ضرب النار زمان كان فى صدر العدو.. وضرب النار الآن فى رأس مصر..!
من حاربوا زمان كانوا يحبون مصر.. فماتوا من أجلها.. ومن يحاربون الآن يتظاهرون بـ«حب الرئيس» فيحاربون مصر بغير قصد.. «ثم يتدخل الرئيس ليقول لهم عيب.. فمن الحب ما قتل»..!
صلاح دياب وغيره كثيرون من ضحايا «ضرب النار العشوائى» ليسوا أقل وطنية وشرفاً ممن أصدر ونفذ الأوامر باغتيالهم معنوياً.. فلا القضاء أدان الرجل.. ولا الرجل أخرج «مليماً» من مصر.. بطن «دياب» مفتوحة فى حقول بترول وأراضٍ زراعية ومحال فى شوارع مصر.. تماماً مثل رجال أعمال شرفاء يعملون فى ظروف صعبة.. ستقولون إننى أدافع عن «رجال الأعمال.. لا مؤاخذة».. حسناً.. تلك هى العقدة التى ترسّخت بداخلنا.. 72٪ من الشعب المصرى يعملون فى القطاع الخاص.. ومع ذلك يقولون لنا كل صباح «هؤلاء لصوص»!
الرئيس السيسى يلتقى رجال الأعمال، ويذلل عقبات الاستثمار أمامهم.. ورغم ذلك تضربهم «اللادولة» كل لحظة فى «مقتل».. الرئيس السيسى يجلس وعلى يمينه صلاح دياب مرة وعلى يساره صلاح دياب مرة.. ثم يسافر الرئيس «الذى لا ينام» للخارج.. فيعود ليجد الرجل «مكلبشاً» والمستثمرين «غاضبين ومرتجفين»..!.. أى «لا دولة» تلك؟!.. هل ضرب «الأمن» رأس صلاح دياب.. أم طعن قلب مصر؟!.. مصر أكبر من صلاح دياب.. ولكنها تأثرت بما حدث معه.. وما يحدث كل يوم..!
خذ مثلاً.. ما وقع مع المخرج السينمائى والنائب البرلمانى خالد يوسف.. الرجل فاز فى انتخابات دائرته دون إعادة.. كيف يحدث ذلك وهو المحسوب على ثورة يناير؟!.. هل يظن أن بمقدوره أن يمارس دور المعارض فى مجلس النواب؟!.. حاشى وكلا.. فلابد أن يوصم.. وسواء أتت الوصمة بتعليمات من إحدى الجهات فى الدولة أم بعلمها وسماحها.. لا فرق.. حتى لو لم تكن تعليمات أو موافقة صريحة.. فإن شخصاً أو أشخاصاً نفذوا المهمة، اعتقاداً منهم بأنها حب وهيام وتقرب محمود إلى السلطة..! وقبل خالد يوسف.. كانت التسريبات.. وفى التسريبات استهداف واضح لمصريين.. كل جريمتهم أنهم سياسيون أو ناشطون.. وبصرف النظر عن اختلافى شخصياً مثل كثيرين معهم.. فإن الانتقام بدا السلاح الوحيد لعمليات التصفية والاغتيال المعنوى بكشف غطاء الستر الذى أسدله الله عز وجل على الجميع..!
فى مصر الآن سباق زائف على «قلب الرئيس».. أقسم لى مسؤول رفيع وشديد القرب من مؤسسة الرئاسة أن «السيسى» لا ينام أكثر من ثلاث ساعات كل يوم.. عشرات الملفات والأزمات والمشروعات أمامه على مدار الساعة.. غير أن ذات المسؤول قال لى «إن ذلك يستغله البعض فى اللعب وضرب النار العشوائى بزعم أن هذا فى حب الرئيس.. صراعات طاحنة لتأدية خدمات تطوعية تقرباً إلى الرئيس.. تنازع أدوار وتجاذب مساحات لنيل رضا الرئيس.. إنه ذات الأسلوب القديم: اللى يحب الريس يضرب نار.. بصرف النظر عن الرصاصة رايحة فين»..!
فهمت كلام الرجل جيداً.. ربما لأننى أشعر به مثل كثيرين.. غير أن لدىَّ تفسيراً آخر لتلك الحالة من الصراع فى «اللادولة»: هم يحاولون إيهام القيادة السياسية أن «ضرب النار العشوائى» فى خدمتها.. والحقيقة أنه فى خدمة «أجهزة تنتمى لفكر وعصر مبارك».. أو بمعنى أدق «انتقاماً لشرف هذه الأجهزة».. ارجع بالذاكرة لما حدث عقب ثورة 25 يناير 2011، ثمة «عقدة دفينة» داخل النفوس: الشعب الذى أسقطنا لابد أن يدفع الثمن.. فلايزال ما فى القلب فى القلب «الكل ستطاله نار الانتقام: مواطنين.. سياسيين.. مستثمرين.. وصحفيين».. لسان حال دولة مبارك يصرخ «سنعود يا ولاد..... إلى موقع السيادة.. نحن الدولة.. نحن رجال النظام.. نحن الوطنيون وأنتم أعداء الوطن.. وضرب النار فى كل اتجاه.. حتى إذا تدخل الرئيس.. فقد وقعت الواقعة»..!
لا يدرك هؤلاء أن مصر هى التى تدفع الثمن.. فنحن جميعاً زائلون، وهى باقية!
تسألنى الآن: ألست خائفاً؟!.. لن أكذب عليك: نعم خائف.. ولكن الرئيس حتماً سيتدخل..!