مصر عليها الاستفادة من تجارب الآخرين لكي تنهض بسرعة، كما نهضت الصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى.
في بداية ستينيات القرن الماضي، بدأت كوريا الجنوبية نهضتها الاقتصادية الكبرى، كان اقتصادها وقتها بنفس حجم اقتصاد مصر، الآن هو 5 أضعاف حجم الاقتصاد المصري (تريليون و300 مليار دولار).
وكان الكوريون في الخمسينيات يعتقدون أن تنمية الاقتصاد مهمة مستحيلة، لأن الدولة غير منظمة إطلاقا، وفي زيارة للبنك الدولي عام 1957 لكوريا قال الخبراء: «لا يوجد أمل لتطوير هذا البلد لمدة 100 عام على الأقل، هذه الدولة مدمرة تماما من جراء الحرب مع كوريا الشمالية».
السؤال هنا: ماذا فعلت كوريا الجنوبية لكي يصبح حجم اقتصادها 5 أضعاف مصر؟
بدأت كوريا الجنوبية بتطوير الجهاز الحكومي، وربط الأجر بالإنتاج للمديرين، وهي دولة ليس عندها أي موارد طبيعية، وحجم السكان الآن حوالي 50 مليون نسمة، فركزت كوريا في البداية على قطاعين رئيسيين: «البتروكيماويات، والصناعات كثيفة العمالة (الملابس الجاهزة، وبناء السفن)»، فاستوردت البترول، وبنت معامل التكرير ومصانع البتروكيماويات ما سهل لها الدخول في عالم الصناعة.
ولتحقيق الهدف أيضا ركز الكوريين على النهوض بالصناعة، التي تساوي الآن 130% من إجمالي حجم الناتج القومي لمصر، فكوريا الجنوبية تصنع 350 مليار دولار سنويا، بدأت بالصناعات الكثيفة العمالة، ثم صناعة السيارات، حتى أصبحت الآن الخامسة عالميا، وبعد ذلك دخلت صناعة الإلكترونيات، ووفرت المناخ المناسب حتى كبرت شركة «سامسونج»، وأصبحت من أكبر الشركات العالمية للإلكترونيات.
ولنا أن نعلم أن كوريا الجنوبية تحتل المرتبة الخامسة في سهولة ممارسة أنشطة الاستثمار بالمقارنة بدول العالم، وبفضل التركيز الكامل على تنمية الصناعة، نمت كوريا الجنوبية، وأصبحت الآن الاقتصاد رقم 11 عالميا.
والسبب في النمو المستمر حتى الآن هو قوة التعليم، فمنذ خمسين عام لم يكن الكوريون متعلمين، ولكنهم اعتمدوا على مديرين أقوياء اقتصاديا في قطاع الحكومة، فاختاروا المشاريع الصحيحة، وأخذوا البلد في اتجاه النمو.
فمثلاً حين طلب «نيكسون»، رئيس أمريكا الأسبق، من كوريا مساعدته في حرب فيتنام بإرسال جنود إلى هناك، وسأل: «ماذا تريدون من أمريكا؟» كان يتوقع أن يطلب رئيس كوريا المال، ولكنه طلب إرسال مجموعة من الموظفين الحكوميين للتدريب على النظم الحديثة والعودة للتطبيق في كوريا بعد ذلك.
الموضوع ببساطة سهل جداً، وتجربة كوريا واضحة، كوريا الجنوبية نمت بفضل فريق إداري جيد ركز على تنمية الصناعة، خصوصا في القطاعات التالية: «الملابس الجاهزة، وبناء السفن، وصناعة السيارات، والإلكترونيات، والبتروكيماويات».