إضافة إلى الأمور التى تبرر صعوبة الأيام الأولى للبرلمان، الممثلة فى اختيار رئيسه، وسن اللائحة، وإقرار القرارات بقوانين، والثقة بالحكومة، هناك مهام كبيرة على المدى المتوسط أمام البرلمان.
فبداية، أسفرت الانتخابات عن تأسيس برلمان ينتمى أعضاؤه إلى مؤيدى 3 يوليو 2013، وهذا الأمر بالتأكيد سيؤثر على نشاط البرلمان، ما يجعله برلماناً مختلفاً على الإجراءات، شبه متفق على الأهداف الرئيسة، على افتراض تحديد تلك الأهداف.
على أن حال الاتفاق المفترضة لم تكن لتعنى حال الانصهار، هنا نشير إلى التشظى الذى حدث خلال الانتخابات بين أنصار 3 يوليو، على النحو الذى جرى بين سيف اليزل وتهانى الجبالى، والممكن تكراره بأشكال مختلفة بالبرلمان.
يرتبط بذلك أن الانتخابات التى جرت بشفافية وجهد بذله المرشحون للوصول إلى تلك المكانة، يجعل هؤلاء يشعرون بألا فضل للسلطة عليهم، ما يجعل هؤلاء النواب يمارسون دورهم بنوع من الحياد وعدم المجاملة.
يتصل بما سبق حال التشريع فى البرلمان، لاسيما مع هذا الكم الكبير من القوى السياسية والكم الهائل من الأعضاء. بعبارة أخرى، هل ستكون السلطة التشريعية على قدر من المسؤولية التى تجعل السلطة التنفيذية والمواطن العادى يستريح لأداء البرلمان من حيث سرعة الإنجاز دون سلق القوانين، لاسيما أن السلطة اعتادت منذ يوليو 2013 أن تفكر فى سن قانون ما صباحاً وتضع مواده ظهراً وتصدره مساءً.
وفيما يخص الأعضاء أنفسهم، ونتيجة التركيبة السياسية الموزيك، يجب النظر بعين من الحذر لحال التحول فى الصفة السياسية للنواب، وهو أمر مخالف لنص المادة 6 من قانون مجلس النواب، والأرجح أنه بدأ يثور فى أكثر من حالة، حتى مع نص المادة على أن إسقاط عضوية النواب المتحولين للصفة السياسية يتم عبر أغلبية ثلثى الأعضاء.
وبطبيعة الحال، تأتى قضية تعديل الدستور كأحد أهم القضايا التى ربما تثار أمام البرلمان، وربما تؤدى لحالة خلاف كبيرة إذا ما تمكن أنصار التعديل من توقيع ثلث الأعضاء على طلب بذلك. فهذا الأمر سيمثل فتنة كبرى بين النواب، تنتقل لخارج البرلمان، لأنها ستفتح الباب لدعم صلاحيات الرئيس على حساب البرلمان، وهو أمر غير مقبول فى بلد اعتاد تأليه الحاكم، ولم يجرب ولو لسنوات قليلة دستوره الذى وافق الشعب بأغلبية كاسحة عليه.
ويشكل التحدى الكبير أمام البرلمان جدول أعماله، فالبرلمان مطلوب منه خلال الدورة الأولى مجموعة تشريعات مختلف حولها، وعلى رأسها تشريع جديد بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات، وكذلك قوانين ندب القضاة والعدالة الانتقالية ودور العبادة. كما أن البرلمان مطالب بسن نحو 24 قانوناً جديداً وكذلك 42 تعديلاً لقوانين طلبها الدستور. ويشكل سن قانون جديد للانتخابات تحدياً كبيراً، إذ كيف يقوم أعضاء منتخبون بالنظام الفردى، بوضع قانون للانتخاب عبر القوائم النسبية الحزبية؟