زعيم داعش مرفوع قريباً!

أسامة كمال الإثنين 28-12-2015 22:20

وإذ فجأة غيّر أبوبكر البغدادى من استراتيجية داعش وقرر بعد قتل عشرات الآلاف من العرب المسلمين والمسيحيين أن يعلن عن توجهه الجديد من خلال تسجيل صوتى عُنون بالآية القرآنية: «فتربصوا إنا معكم متربصون»، فركّز على تحفيز الروح المعنوية للدواعش فى العراق وسوريا، والمتوقع أن يواجهوا عاما صعبا بعد الضربات المتلاحقة التى يواجهونها فاخترع هذا الاختراع الجديد، والذى بدأت إرهاصاته منذ ما يقرب من الشهرين، ألا وهو تحويل دفة الهجمات الداعشية لتكون على إسرائيل لتحرير القدس.

واجهت داعش انتقادات شديدة لقيامها بإسقاط دول مسلمة وقتل المسلمين والمسيحيين، ولا تجرؤ حتى على الكلام عن إسرائيل، فخرج عن التنظيم الإرهابى متعدد اللغات فيديو باللغة العبرية قبل ما يقرب من شهرين، والآن رسالة البغدادى التى تقول إن داعش ستحاصر إسرائيل وتحرر القدس. ويبدو أن البغدادى كان قد سجل نفس الرسالة منذ شهرين لأنه لم يحاول أن يتباهى بهجمات باريس مثلاً أو ما ادعته الجماعة الإرهابية عن إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء ولكنه لم يفعل.

مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة، التابع لدار الإفتاء، حذر من ناحية أخرى من أن تهديد البغدادى لإسرائيل ما هو إلا وسيلة لتجنيد إرهابيين جدد لصفوفه، ولا يتعدى كونه إثبات حالة وغسل سمعة يستهدف بشكل خاص المتعاطفين مع القضية الفلسطينية بعد تراجع أعداد مقاتلى داعش، ومحاولة للرد على منتقديه بتخاذله عن القضية الفلسطينية ومحاربته الجيوش العربية والإسلامية بدلاً من إسرائيل.

أتفق تماما مع ما جاء فى تحذيرات المرصد لأن حداية داعش لا تحدف كتاكيت فجأة، وتهديده بأن فلسطين ستكون مقبرة للإسرائيليين بعد دخول داعش فلسطين قريباً، لأن التهديد يناقض إعلانه فى العام الماضى بأنه يعطى أولوية لقتال المنافقين الذين يراهم أشد خطراً من الكافرين. وهذا الإعلان وما تلاه من قتال للمسلمين والمسيحيين فى بلاد العرب ما هو إلا استقواء على بلاد ابتلاها الله بحكامها وجيوشها وشعبها الذى تمرد ولم يعرف متى يتوقف، ولم تتدخل الجيوش لإنقاذ الشعوب من براثن تتار العصر الحديث.

هل يستطيع داعش الوصول إلى القدس وروما كما يدعى؟ ولماذا روما على وجه الخصوص؟ هذه دغدغة للمشاعر يربطها بحروب المسلمين مع الإمبراطورية الرومانية، ولكنه لا يجرؤ أن يتحدث عن الإمبراطورية الفارسية لأنها لن تتوانى عن دكه دكاً لو اقترب منها حتى بتصريح. هذا لا يعنى أن إسرائيل لن تتعامل معه بنفس العنف لو تجرأ عليها ولكنه فقط يرسل إشارات تجتذب السذج الذين قد يصدقون هذه السياقات الدينية والتاريخية للترويج لفكرة دولة الخلافة.

خلاصة ما جاء على لسان البغدادى، والذى هو ليس بغدادياً فى الأصل، ولكن الادعاء يبدأ من اسمه، فهو يدعو المجاذيب بأى وسيلة لينضموا له فيزيد من قتله للمسلمين ويتغول على ثروات بلاد مسلمة كانت يوماً ما آمنة. لا يختلف البغدادى فى طموحه عن أردوغان تركيا الذى علمه التاريخ أن يتألم من مصر على وجه الخصوص، لأن هذا التاريخ لن ينسى هزائم الدولة العثمانية على أيدى جيش مصر، الذى لقبه الغرب بجيش الفلاحين المعجزة، والذى كسر أسطورة الدولة العثمانية بجيوشها وأساطيلها.

الطموح الإسرائيلى غير المشروع لا يختلف، والطموح الإيرانى ليس بعيدا، والعرب بمجملهم مفعول بهم منصوب عليهم من كل هؤلاء، ولا يريدون أن يرتقوا لمستوى الفاعل أو حتى نائب الفاعل ولكنهم يفضلون أن يبقوا مفعولاً بهم لفعل مبنى للمجهول رغم أن الفاعل معلوم، ولكنها قواعد اللغة العربية، وقواعد اللعبة الجهنمية التى يقودها سادة العالم، ويقبع البغدادى وشركاه فى مقعد نائب الفاعل، وقريبا إن شاء الله سنراه مرفوعاً ولكن ليس بالضمة ولكن على خازوق.. والله أعلم.

okamal@cairoict.com