كنت قد بدأت الحديث عن الإعلام والدولة، ثم توقفت عندما بدأت معارك متعددة الرؤوس والاتجاهات، خشيت أن يعتبر البعض أن ما أطرحه موجه ضد هذا أو ذاك فآثرت الانتظار إلى أن يهدأ غبار المعارك لأستكمل ما بدأت. هذا لا يعنى أن الأوضاع باتت أفضل، لكنها مساحة هدوء نسبى لأزمة مستمرة مازالت تتفاعل وقد تنفجر فى أى لحظة.
اليوم سأتناول بعض الملاحظات العامة حول الوضع السائد فى علاقة الإعلام والدولة.
- غياب خطة مركزية لدور الإعلام فى المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر، وغياب مفاهيم الأمن القومى المصرى عن كثير من الإعلاميين.
- غياب مفهوم الدولة عن كثير من الإعلاميين فى كل مستوياتهم من القيادات، إلى القيادات الوسطى، إلى المحررين.
- لا يوجد تحديد لأولويات الدولة وخطة للتعبئة حول القضايا المهمة لحماية الأمن القومى.
- غياب دراسات رأى عام تحدد مشكلات المجتمع وتضع حلولاً لحالة الاستقطاب التى تتزايد بفعل إعلام جاهل غير منضبط.
- غياب منظومة تشريعية تضبط الأداء الإعلامى وتعاقب المخطى.
- غياب أى هيئة للتنظيم الذاتى للإعلاميين.
- غياب دور نقابة الصحفيين وحصرها داخل الصراعات السياسية.
- الخلط بين دور الإعلامى وأجهزة الأمن والتحقيق والقضاء فى أثناء أداء مهمته.
- لا يوجد تنسيق بين جهات الدولة أو القدرة على إيجاد جهة قادرة على ضبط خروج المعلومات والوثائق وتنظيمها قانونياً، وأصبحت هناك حالة من الفوضى من المعلومات والوثائق، وأصبحت اتهامات العمالة والفساد توزع على المصريين، حتى إنك تشعر بأن نصف المصريين عملاء أو يفكرون أن يصبحوا كذلك.
- لا توجد دراسات رأى عام مرتبطة بالعمل على الأرض ترصد وتقيس توجهات المواطنين وتطور حالتهم النفسية والاجتماعية، ليتم التعامل مع الجمهور بلغة خطاب جديدة مناسبة.
- غياب تدريب حقيقى للإعلاميين للتعامل مع الفترات الانتقالية وفكرة حماية الدولة والتعامل مع القضايا القومية.
- غياب الدولة على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل منظم وفعال، هناك متناثرات لبعض المؤيدين تضر أحياناً كثيرة أكثر مما تنفع، لكن لا وجود بشكل منظم وفعال. وهناك تواجد لجهات فى الدولة يغيب عنها التنسيق والتواصل.
- هناك غياب تام لاستراتجية إعلامية للدولة، لا توجد أجندة، أو ملامح تتغير حسب الوضع لتحديد شكل التعامل مع الإعلام، «خاص- دولة».
- ينتاب معظم المسؤولين حالة من «الرعب» من وسائل الإعلام والإعلاميين، ويبدو هذا واضحاً فى سلوكهم وردود أفعالهم من أى انتقاد أو إشارة لعملهم، وهو ما يؤدى إلى «استئساد» من كثير من الإعلاميين الذين باتوا يعتقدون أن جزءاً من نجاحهم هو إرهاب المسؤول، ويكتمل النجاح بخضوعه للإرهاب
- هناك غياب واضح لدى الدولة ومسؤوليها لمفهوم التعامل مع وسائل الإعلام، بالإضافة إلى التنسيق بين مسؤولى الدولة بمختلف مواقعها.
- لا توجد أوراق سياسات خاصة بكل جهة، أو وزارة تحدد من خلالها ما الذى تقوله للإعلام وكيف تقوله.
- هناك غياب تام لسياسات تواصل مع الإعلام«communication plans».
- اللقاءات المباشرة المجمعة مع المسؤول فكرة جيدة، ولكنها ستفقد قيمتها وتأثيرها إذا لم يتم ضبطها وفقاً للرسائل المطلوب إيصالها بتحديدها أولاً، وضبط توقيتات التواصل.
- هناك عدم اهتمام جدى بعملية تنظيم الإعلام على أسس فهم علمية، ويبدو هذا من خلال حالة التخبط التى يعيش فيها الإعلاميون، ووجود أكثر من مجموعة، وأكثر من جهة مكلفة بتقديم مقترح لتنظيم الإعلام، وكل منها يدَّعى أنه على صلة بالدولة ومكلف بذلك، وللأسف هذا حقيقى.