فى «الأهرام» ينفى المستشار هشام جنينة ما قاله فى «اليوم السابع»، ففيها يقول: «من الصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، لكننا من خلال التقارير الرقابية يمكننا أن نقول بأن تلك التكلفة تجاوزت خلال عام 2015 الـ600 مليار جنيه»!
وفى «الأهرام» يقول: «ليس هناك حصر رقمى لدى الجهاز حول الأموال التى أهدرها النظامان السابق والأسبق على الدولة»، مشدداً على أنه لو تم حصرها لكانت بمئات المليارات!
ولم يَنْسَ «جنينة» أن يصف ما قاله فى «اليوم السابع»: «إن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول أن الفساد يكلف مصر 600 مليار جنيه سنويا عار من الصحة»، موضحا أنه أكد أن الفساد يهدر على مصر مليارات الجنيهات!
وقبل أن يجف مداد الحبر، واستباقاً لأعمال لجنة تقصى الحقائق التى شكلها رئيس الجمهورية، وخشية افتضاح تهاوى رقمه الجزافى، يمسى «جنينة» على الرئيس، ويميس على الرأى العام، متزلفاً: «إن هناك إرادة حقيقية من الدولة لمكافحة الفساد، والرئيس السيسى شدد على ذلك أكثر من مرة خلال خطاباته المتعددة».
أيهما نصدق.. جنينة فى «اليوم السابع» أم جنينة فى «الأهرام»؟.. جنينة قبل تشكيل لجنة تقصى الحقائق أم بعد تشكيل اللجنة؟.. جنينة فى «الأهرام» لا يكذب ولكن يتجمل ويكذّب «اليوم السابع»، لماذا لم يكذب «اليوم السابع» فى «اليوم السابع»، وهذا حقه قانونا، ولماذا انتظر أياما على تصريح على لسانه خطير؟! جنينة طالع بمنظرين فى الفيلم الهندى!
وسواء كذب «جنينة» أو تجمل، يبقى الرقم ماثلاً فى الذاكرة الشعبية الجمعية، كلفة الفساد فى عام السيسى الأول (عام 2015) فقط 600 مليار لا غير، تفقيطاً كمَن يحرر شيكاً، هذه هى الأصول المحاسبية، ولا يمحوه من الذاكرة نفى جنينة فى «الأهرام»، مليارات مبارك لم يَنْفِها اعتذار «الجارديان البريطانية» أو تعهد هيكل بعدم القول بأرقام جزافية أمام النائب العام!
وحتما ولابد أن تشرع اللجنة فى مهمتها الرئاسية، ما صدر عن «مُحاسِب الشعب» جد خطير، سواء صرح به، أو تنصل منه، رقم يصم النظام بالفساد، والتصريح اللى ميصبش يدوش، والزمبليطة فى مواقع التواصل الاجتماعى شغالة، والمناحة الإخوانية منصوبة، والناس فى الشارع حيارى!
لجنة تقصى الحقائق ليست فى نزهة خلوية، وتشكيلها يؤشر على الجدية الرئاسية، برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل والمستشار هشام بدوى، نائب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، نائب جنينة، ومهمتها إذا شئنا الدقة هى التحقق من الرقم الذى صرح به «جنينة»، ولاحقا أنكره بمجرد تشكيل اللجنة!
توقيت تصريح «جنينة» فى «الأهرام» صبيحة تشكيل اللجنة، وإنكار المنشور فى «اليوم السابع» الذى على أساس منه تقرر تشكيل اللجنة، إجهاض مبكر لأعمالها، ومحاولة مكشوفة للالتفاف حول الرقم، «جنينة» يُفشل أول محاولة رئاسية جادة لتتبع أرقام الفساد التى تُنشر تباعاً، منسوبة إلى جهاز المحاسبات، لماذا لم يكذّب جنينة الرقم إلا فى أعقاب تشكيل اللجنة الرئاسية؟!
مجدداً، ولن نمل من تأكيد رفضنا لتصنيف جنينة، إخوان أو خلية نايمة فى جهاز المحاسبات، هذا يعطيه حماية من الحساب، على حساب الإخوان، فإذا اقترب يوم الحساب على أرقامه الجزافية، قالوا يعاقبونه لأنه إخوان، ويحاسبونه لأنه محارب للفساد، أليسوا فسدة، منتظر منهم إيه، أيُبقون على مَن يحارب الفساد، وتوِّت وغرّد يا وَلَه؟!
«جنينة» بتصريحه وصم العام الأول من حكم السيسى بالفساد، كان محدداً جداً 600 مليار فى عام 2015، وعليه مَن اتُّهم بالفساد عليه أن يثور لسمعته، ويدافع عن سمعة نظامه، ليس أمام «جنينة» و«الإخوان»، ولكن أمام القاعدة العريضة التى أعطته ثقتها وفوضته، تراجع «جنينة» لا يلزمنا، يلزمنا صدق الرئيس فى محاربة الفساد.