تبنى سياسيون فكرة مشروع «بنك الأرض» الذى طرحته «المصرى اليوم» ليكون الجهة الوحيدة التى تضع يدها على كل أراضى الدولة بعد تسجيلها بأكملها، ويتبع البنك رئيس الجمهورية مباشرة، وأكدوا على ضرورة وضع ضوابط قوية جداً لعدم التفريط فى الأرض أو تغيير الأنشطة أو السماح لمن وصفوهم بـ«لوبى الفساد» بأن يضعوا أيديهم على أراضى الدولة، كما شددوا على ضرورة وجود جهة واحدة تعمل على التصرف فى أراضى الدولة، للحد من الفساد.
وقال نبيل زكى، المتحدث باسم حزب التجمع: «منذ عام 2005 تصدر تصريحات من المسؤولين عن تشكيل لجنة عليا لضبط المسألة ومنع تسقيع الأراضى ولم يحدث شىء، إذا ما حسبت أراضى الدولة التى تم نهبها عن طريق المحظوظين أو البلطجة ستكتشف أنه مالا يقل عن مليون فدان أرض تم نهبها ولم تستفد الدولة منها مليماً واحداً، يوجد عدم جدية من الدولة فى تنفيذ هذا الأمر».
وأضاف زكى: «تشتت جهات البيع أدى ببعض الأعضاء فى مجلس الشعب إلى الحصول على مئات الأفدنة على الطرق الصحراوية بملاليم، كما أن هناك الكثير من الأراضى تم بيعها بملاليم لشركات أجنبية عليها علامات استفهام، باعوها لها من الباطن ومن غير الباطن، دون أن يتحرى عنها أحد، رغم أنها قد تكون إسرائيلية، توحش مافيا الأراضى جعلنا نطلق على ما تقوم به النهب الثانى لمصر، بعد النهب العسكرى لها».
وتابع: «لابد من وجود جهة واحدة تمثل فيها وزارات الموارد المائية والإسكان والزراعة وغيرها، مثل مشروع بنك الأرض، ولكن لابد أن يكون لهذه اللجنة سلطات بما فى ذلك الضبطية القضائية، ويكون لها شرطة خاصة تستولى على الأرض المنهوبة وتطرد ناهبيها، كما أنها يجب أن تكون هى وحدها المخولة بالبيع، ويجب أيضاً أن تقوم بدور رقابى تحت إشراف البرلمان، ويجب أن تدخل حصيلة البيع إلى خزينة الدولة، وهى الجهة التى كان من المفترض أن تتسلم الحصيلة من البداية.
وأكد «زكى» ضرورة محاسبة كل من حصلوا على أراض خلال الفترة الماضية قائلاً: «من المفترض مراجعة كل الأراضى التى نهبت طوال العشرين سنة الماضية كى تأخذ الدولة حقها، على الأقل الضرائب، ويجب أن نبيع الأراضى بسعر السوق، هناك من يبيع الشقة اليوم بمليون بعدما حصل على الأرض بملاليم»، وأضاف: «بعض من نهب الأراضى نهب الآثار التى بها أيضاً، خاصة فى المنطقة بين الفيوم وبنى سويف وأتلف هرم سنوسرت الأول وأمنحتب الأول على يد من أخذوا أراضى هناك بأسعار زهيدة، هذه جريمة مكتملة الأركان».
وتابع زكى: «لابد من أن تتابع هذه اللجنة الأنشطة التى ستقام فى الأرض بعد شرائها، ومن يغير النشاط تسحبها منه، فى إنجلترا إذا اشترى شخص أرضا ليبنى مساكن عليها، ومضت فترة زمنية معينة ولم ينفذ ذلك تسحب منه الأرض رغم أنها دولة رأسمالية، أما فى مصر فكل الأراضى التى تم بيعها للاستصلاح تحولت إلى منتجعات»، وأضاف: «فى الوقت الذى كان الكبار فيه يدفعون 25٪ مقدما ليأخذوا سند ملكية يحصلون بموجبه على قروض من البنوك ولم يستصلحوا الأرض بل قاموا بتسقيعها وبيعها، كانت الحكومة تسحب الأرض من الشباب الذين يتأخرون فى دفع الأقساط».
وشدد «زكى» على أن تكون مهمة اللجنة هى منح حق الانتفاع وليس البيع، مستطرداً: «يجب منح حق الانتفاع فقط وليس البيع، لأن الأرض ملك الأجيال المقبلة، ولا يملك أحد حرية التصرف فيها»، وعن الشفافية فى العمل قال: «إذا أردت أن تضمن الشفافية يجب البدء أولاً بنشر أسماء جميع من أخذوا الأراضى وأماكنها وأسعارها، ليس بهدف التشهير وإنما بهدف تقدير الضريبة، هذه البداية، ثم تضع اللجنة قواعد صارمة لحق الانتفاع».
أما توحيد البنهاوى، الأمين العام المساعد للحزب الناصرى، فقال: «حدث نوع من الفوضى فى عملية بيع أراضى الدولة، بسبب تعدد المسؤولين والجهات المسؤولة عن البيع، سواء أراض زراعية أو مصانع أو شركات تم بيعها وهو ما أدى أيضاً إلى سوء التقييم وتعدى وانتشار الفساد، وهذا كان واضحا فى بيع أراض أقل من ثمنها وشركات أقل من قيمتها الدفترية وليس فقط الحقيقية، وبالتالى فإن توحيد جهة البيع سيؤدى على الأقل إلى أن تكون طرق التقييم واحدة».
وأضاف البنهاوى: «نحن ضد عملية بيع أصول الدولة كمبدأ عام لأن ذلك يؤدى إلى تخلى الدولة عن دورها، خاصة أن البيع الآن يتم وفقاً لرغبات المستثمرين، والدولة بدأت ترفع يدها عن كل ما يمت للمصلحة العامة بصلة، وترفع يدها عن أملاكها، كل شركات القطاع العام التى تم بيعها بالخصخصة تمت تسويتها وبيعها كأراض، مثل شركة اسكو وولتيكس والقاهرة للصباغة والتجهيز، وهى شركات عريقة كانت تقوم يوماً بعملية التنمية وتم بيعها بأقل من قيمتها الدفترية، توشكى تم بيع الفدان بألف جنيه فى حين أن تكلفة الإصلاح والبنية الأساسية 10 آلاف جنيه، وكذا أرض ميدان التحرير وغيرهما».
وتابع البنهاوى: «لابد أن يتم تشكيل لجنة واحدة تتولى التصرف فى أملاك الدولة، ويمثل فيها الجهاز المركزى للمحاسبات للتقييم، ومجلس الدولة للعقود ومع متخصصين فى تقييم الأصول وهيئة الرقابة المالية، والجهات التى لديها الأصول، إلا أن قرار البيع يجب أن يكون حصرياً للجنة»، وأكد البنهاوى وجود الشفافية قائلاً: «فى حال عدم وجود شفافية سيكون الفساد موجوداً فى اللجنة الواحدة أيضاً لأنك تتخلى عن أصولك مضطراً أو نتيجة توجه سياسى».
وقال: «المشكلة أنهم تركوا كل وزارة وهيئة تبيع أصولها كى تأخذ إيراد البيع لتسديد مصروفات خاصة بها، يعنى ممكن شركة قابضة تبيع أرض عشان تصرف رواتب، حتى لو تم بيع أصول تستخدم الأموال لعمل أصول أخرى» وطالب البنهاوى بدراسة جميع العقود التى تمت فى السنوات الماضية والتى تم بموجبها بيع أراضى الدولة وخصخصة شركات القطاع العام.
النائب الإخوانى فريد إسماعيل، يرى هو الآخر أن: «مساوئ الجهات المتعددة تضيع المسؤولية وتكون منافذ الفساد متعددة كما هو حادث الآن فى هيئة التنمية الزراعية الضالعة فى بيع الأراضى الخاصة بالزراعة مثل طريق مصر إسكندرية الصحراوى، هناك مئات الآلاف من الأفدنة يتم بيع الفدان بـ 50 جنيها إذا كان أبعد من كيلو عن الأسفلت و200 جنيه إذا كان أقل من كيلو، بقرار أصدره يوسف والى سنة 1999، يتم التحايل بعد ذلك بتسقيع الأراضى وتحويلها لمنتجعات».
وتابع إسماعيل: «هناك 60 ألف فدان اشترتها إحدى الشركات بهذا الشكل، وأرض العياط، التى حصل أحد أعضاء مجلس الشعب، على 26 ألف فدان منها، تكلفة الفدان 200 جنيه، وطريق مصر- إسكندرية الصحراوى كله، رغم أن هذه الأراضى أخذت للنشاط الزراعى، فقد تم تحويلها لمنتجعات وملاعب جولف وحمامات سباحة»، وأضاف: «من النماذج الأخرى هيئة التنمية العمرانية وتم من خلالها بيع مساحات ضخمة من الأراضى بأسعار متدنية وإهدار للمال العام مثل قرية آمون ومدينتى وأراضى القاهرة الجديدة ومدينة نصر وغير ذلك من المدن الجديدة».
وشدد «إسماعيل» على ضرورة وجود جهة واحدة تتولى عملية البيع قائلاً: «لابد من وجود جهة واحدة، كى يكون هناك مسؤول واحد تستطيع أن تحاسبه وتطبق عليه ضوابط يتحرك من خلالها، ولابد أن يسبقها وجود بنك الأرض، الأرض حالياً ضائعة بين 13 وزارة، والنهب المنظم لثروات مصر يتم عن طريق لوبى منتشر فى البلد استطاع أن يستولى على أراضى مصر، والنهب يسير بطريقة منظمة وشارفنا على الانتهاء من أراضى الدولة وضيعنا حق الأجيال القادمة، وبالتالى فإن إنشاء بنك الأرض أصبح ضرورة، وبموجبه يتم إنشاء هيئة واحدة تضع يدها على كل أراضى الدولة ويتم تسجيل كل هذه الأراضى بأكملها وتتبع رئيس الجمهورية مباشرة، ويتم وضع ضوابط قوية جداً لعدم التفريط أو تغيير الأنشطة أو السماح للوبى الفساد بأن يضع يده على أراضى الدولة».
ويوضح أنه بعد تأسيس البنك يتم تأسيس اللجنة، مضيفاً: «اللجنة يجب أن تكون جهة مستقلة لا سلطان عليها إلا الدور الرقابى لمجلس الشعب ورئيس الجمهورية، وتشكيل اللجنة مطروح للنقاش لنصل إلى أفضل تشكيل يضمن الحفاظ على أراضى البلد، ولكن لابد أيضاً أن يكون هناك تحرك فاعل وإرادة حقيقية للحفاظ على أراضى الدولة وإعادة ما تم نهبه، مطلوب إعادة كل ما تم بيعه، لأن هذه أراض تتعلق بالأمن القومى لمصر، أيضاً مطلوب مراجعة كل العقود لوجود شبهة تخفى إسرائيلى وراء شركات أجنبية تشترى أراضى مصر، بالإضافة إلى مراجعة كل العقود التى أبرمت الخاصة بالزراعة والاستثمار وخلافه لتتم مراجعتها واحترام العقود أو توفيق الأوضاع بما يحقق العدالة الحقيقية للشعب المصرى».