«المصرى اليوم» في «العراق»: داخل «سامراء» المدينة السنة الموصومة بالإرهاب (الحلقة الرابعة)

كتب: صفاء صالح الأربعاء 23-12-2015 21:46

عشرة أعوام مرت منذ إجراء الاستفتاء على دستور عراق ما بعد الاحتلال فى 2005، أعقبتها سلسلة من الفساد الإدارى والعزل السياسى لأطياف من سنة العراق الذين تحالفوا مع بقايا حزب البعث السابق، لينعكس كل ذلك فى صورة تنظيم متشدد مد جذوره فى كل مدن السنة بالعراق، وكانت حاضنته الفالوجة، تلك المدينة التى ضربها الأمريكيون بالفسفور الأبيض فى 2004 لتفوح منها رائحة الموت، ولكن العالم أبى إلا أن يسد أنفه عن رائحة القتلى فى الشوارع، لذا فلا تنفصل النتائج التى يحصدها العراق اليوم عن مقدمات ما حدث به فى 2004 و2005 وعلى مدار عقد كامل، فها هو أبوبكر البغدادى، ربيب الزرقاوى، يكمل المسيرة، ويعلن نفسه فى يونيو 2014 خليفة لدولة الخلافة «داعش».. أقاموا سوقا للجوارى تباع فيها الإيزيديات ليتبادلوا سباياهم مع إخوانهم بسوريا، ملايين النازحين من الأقليات تركوا مدنهم فارين بأرواحهم وأعراضهم، حتى العراقيون السنة فر معظمهم من سوء الحياة، ولكنهم هناك على مشارف بغداد ممنوعون من الدخول بوصمة الإرهاب..

«المصري اليوم» في مسقط رأس «البغدادى»: الكلام ممنوع بأوامر أمنية

منذ أربعة وأربعين عاما وتحديدا، فى ساعة من نهار يوم 28 يونيو من عام 1971، ولد طفل جديد فى منطقة «الجبيرية» الأولى إحدى ضواحى مدينة سامراء ، التابعة إداريا لمحافظة صلاح الدين الواقعة بوسط العراق، لم يكن أحد يتوقع للمولود إبراهيم عواد البدرى السامرائى، أنه سينصب نفسه بعد أربعة عقود من الزمان خليفة للمسلمين.المزيد

«سُنة الأنبار» ممنوعون من دخول «بغداد» إلا بكفيل

على هامش بغداد هناك قصص جديدة تقرع أبوابها، ولا مجيب. الحكومة تقف عاقدة يديها خلف ظهرها وتتحاشى النظر تجاه هوامش مدينة الرشيد «بغداد»، فها هم النازحون السنة يقرعون بوابات بغداد ولا أحد يجيب، فقط حراسها يحولون بينهم وبين شوارعها، يريدون بغداد لأهل بغداد، لأن نظرات الريبة والشك تحيط بكل سنى آت من باقى مدن العراق التى أحرقتها داعش وتركت وشمها الممسوخ على أجساد أهلها، فرغم هروبها من ضيم الحياة فى ظل حكم أناس يحلون لأنفسهم فعل كل شىء بمن يحكمونهم، وطائرات تقصفهم مع قوات داعش يوميا، فروا بحياتهم ليجدوا أنفسهم عالقين على جسر هالك.المزيد

شباب خارج «مملكة الطوائف»

من بين أبناء الطوائف الدينية المتعددة فى البلد الغنى بطوائفه، يخرج فجأة صوت صارخ غريب على هذه التركيبة، مناديا بإعادة ترتيب الأوراق على أسس دولة مدنية حديثة تتسع لكل الطوائف. خرجوا يوم ٣١ يوليو الماضى فى مظاهرات حاشدة كانت مفاجأة فى العالم العربى، وفى العراق، وحتى لمنظمى الحراك أنفسهم الذين يواجهون اتهامات جاهزة بـ «العلمانية» استعدوا لها جيدًا وتعاملوا معها ببساطة، لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة لهم هى الدفاع عنهم، بهدف احتوائهم، من قبل تيارات دينية. لمدة أسابيع بعد مظاهرة الـ ٣١ من يوليو يخرجون دون ملل، يتظاهرون من أجل دولة مدنية رافعين شعار «نريد دولة مدنية، باسم الدين سرقونا الحرامية»، يريدون للطائفية فى العراق أن تنتهى، وللدين ألا يكون ستارا يرتع خلفه الفاسدون، تنطلق المظاهرات فى البصرة من أجل الأسعار، فتقتل الحكومة اثنين من متظاهرى البصرة، يشعر شباب بالعراق بأن هنا خطر قادم، ودماء جديدة سوف تهدر دون حساب، يجلسون فى مقهاهم الذى يتقابل به المثقفون والشعراء والفنانون كل مساء، ولكنهم فى هذا المساء لا يتبادلون إلقاء القصائد أو الاستماع إلى معزوفاتهم الموسيقية، أو استعادة كلمات من كتب لينين أو ماركس، كما عاداتهم. فقد كان القرار هنا فى مقهى «رضا علوان» فى وسط بغداد ، بالهدف المنشود والشعار المتكرر كل جمعة فى أرجاء بغداد والذى سرعان ما انتشر إلى باقى مدن العراق «خبز حرية دولة مدنية.. باسم الدين باجونا (سرقونا) الحرامية».المزيد