فيلم.. قديم جداً

ياسر أيوب الإثنين 21-12-2015 21:23

لم ينتبه إلا قليلون جداً إلى أن المعروض على الشاشة هو مجرد فيلم قديم جداً سبق أن شاهده الجميع من قبل عشرات المرات.. وأصبحوا يعرفون كل شخوص الفيلم من نجوم وكومبارس ويحفظون كل ما فيه من مشاهد حب وغدر وخيانة ومطاردات ومعارك، سواء باللسان وفرش الملاءات أو طلقات الرصاص الطائشة التى لا تقتل أحدا..

فلم يكن جديدا أن يسقط كبار الكرة معا فى أسبوع، فيخسر الأهلى والزمالك والإسماعيلى.. ولم يكن جديدا أيضا أن يخترع كل كبير منهم سببا أو ألف سبب للخسارة، إلا أنه كان يستحقها نتيجة ضعف الأداء وكثرة الأخطاء..

فالأهلى خسر بسبب غرور الألتراس وتمردهم وحماقاتهم.. والزمالك خسر بسبب التحكيم ورئيس لجنته.. والإسماعيلى خسر بسبب خناقة ميدو وحسنى عبد ربه.. وكل هذا طبيعى ومتوقع جدا فى ذلك الفيلم القديم.. فالخسارة فى مصر كرويا أو سياسيا أو حتى إعلاميا لابد أن تكون دائما نتيجة مؤامرة وأطراف أخرى أو شياطين وراء كل ستار أو جدار.. مشهد قديم أيضا أن يعلن الزمالك بعد الخسارة أمام طلائع الجيش انسحابه من الدورى.. سبقه الأهلى وهدد هو الآخر بالانسحاب.. ويستمتع مسؤولو الناديين الكبيرين كثيرا وجدا بأداء مشهد التهديد بالانسحاب الكاذب الذى يعرف الجميع أنه لن يكتمل أبدا..

لا أتحدث عن تدخل الدولة وضغوط مسؤوليها الكبار حتى لا ينسحب أحد وإنما أرفع حاليا لوائح الـ«فيفا» التى تجبر الزمالك فى حالة انسحابه بالفعل.. والأهلى أيضا وأى نادٍ آخر.. بسداد قيمة تعاقدات كل لاعبيه وأجهزته الفنية والإدارية والطبية بكامل قيمتها حتى آخر الموسم دفعة واحدة.. وأن يعيد ما تقاضاه ثمنا لحقوق الرعاية والبث التليفزيونى.. ويصبح كل لاعبيه بعد تقاضى كامل مستحقاتهم عن الموسم الذى تم الانسحاب منه أحرارا فى التعاقد مع أى ناد آخر دون أن ينال النادى المنسحب أى مقابل مادى عن أى لاعب.. وأظن أنه لا الزمالك.. أو أى ناد آخر فى مصر.. يطيق ذلك أو يملك كل هذا المال الكافى لينسحب بالفعل من الدورى.. لكن يبقى التهديد بالانسحاب على أى حال من مشاهد الفيلم الجميلة والمثيرة التى يحبها الناس مهما تكررت أو باخت أو كان إخراجها شديد الرداءة..

أما مشاهد فرش الملاءة والمواجهات والحوارات الصريحة والمكشوفة جدا بين الزملاء والأصدقاء الإعلاميين فهى المشاهد التى تجعل هذا الفيلم القديم للكبار فقط.. لكننى رغم كل ذلك أرفض أن يقسو الجمهور على أبطال الفيلم بسبب تلك المشاهد.. فإن كانت تلك الألفاظ والمشاهد القبيحة والعارية والمبتذلة متكررة فى الإعلام السياسى والبرلمانى المفترض فيهما الوقار والرصانة والجدية والاحترام..

فليس من حق أحد الاعتراض على تلك المشاهد فى أفلام تسلية ولعب مهما كان هذا اللعب رخيصا وقبيحا وعاريا.. وتبقى كلمة أخيرة قبل الخروج من هذه الصالة المظلمة.. كلمة عبارة عن تحية تقدير وإعجاب بهذا الجمهور الطيب القادر على الانفعال والتصفيق والصراخ والخوف والقلق، رغم أنه فى النهاية.. مجرد فيلم قديم.