أصبح لدينا برلمان

أحمد أبو هميلة الإثنين 21-12-2015 21:21

انتهت الانتخابات البرلمانية أخيراً وأصبحنا على بعد أيام من انعقاد مجلس النواب الجديد، فاز من فاز، وخسر من خسر، وعزف من عزف، ولكن بقى سؤال مهم يفرض نفسه، هل السياسيون المتواجدون فىى الساحة السياسية حالياً على قدر المسئولية؟ لا أخفى عليكم، أنا غير متفائل بآداء الأحزاب أو من يسمون النخبة السياسية، وقدرتهم على إقامة حياة ديمقراطية حقيقية، فمنذ بداية الانتخابات رأينا تحالفات تتشكل وسرعان ما تتفكك، لا تعرف سبباً لانعقادها ولا مبرراً لتفككها، لم يكن أحد يفكر سوى فى مصلحته الخاصة وحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان، ظهر تحالف الأمة المصرية الذى قاده السيد عمرو موسى، لكنه سرعان ما اختفى فى ظروف غامضة، وكذلك الأمر مع تحالف الوفد المصرى، وغيرهما من التحالفات.

كشفت هذه الفترة عن عدم نضج لدى الأحزاب، تجلى هذا الضعف فى أوضح صوره عندما ظهرت قائمة فى حب مصر، فبمجرد أن اشتمت هذه الأحزاب أن أجهزة أمنية تدعمها وجدناها تترك ما جمعت وراء ظهرها وتلهث وراء القائمة الجديدة، والغريب أن الأحزاب التى أفشلت تحالفات كبيرة بسبب عدم رضاها عن حصتها فيها وجدناها ترضى بالفتات الذى تقدمه لها تلك القائمة. تفكير ليس غريباً عن أحزاب عاشت طيلة سنوات فى كنف أجهزة الدولة تتلقى منها التعليمات، فبمجرد أن شعرت أن تلك الأجهزة تدعم قائمة ما ولو على غير الواقع هرولت إليها، وليس مهماً أن تخذل مؤيديها، أو أن تحاولتقديم نموذجاً ديمقراطياً حقيقياً بدلاً من العودة لممارسات سابقة تضرب الديمقراطية فى مقتل، الأهم عندها أن تحافظ على وجودها فى المشهد. أسفرت نتائج القوائم عن اكتساح قائمة فى حب مصر اتفقنا أو اختلفنا معها، بسبب إدارتها باحترافية سياسية، فنجد مثلاً أكبر ثلاثة أحزاب ممثلة فيها المصريين الأحرار والوفد ومستقبل وطن هى أكبر أحزاب حازت مقاعد فى الفردى، وكذلك الأمر لنسبة المستقلين فيها، مما يجعلها صورة بانورامية مصغرة تعكس المشهد الانتخابى ككل، يأتى اهتمامنا بالقوائم رغم قلة عدد نوابها لأنها تشكل العمود الفقرى الذى يمكنه جمع النواب حوله فى البرلمان، وهو ما نتابعه الآن بالفعل بمحاولات تشكيل ما يسمى بائتلاف دعم الدولة. وبالنسبة للفردى فالمعركة كانت صعبة، فى ظل قوانين انتخابات معقدة، وحالة عزوف ملحوظة، ولكننا وجدنا الشباب والمرأة يحققون نتائج جيدة فى ظل تلك الصعوبات المضاعفة. كل ما نأمله من القادمون الجدد إلى الحياة السياسية أن يبعثوا فينا الأمل من جديد، ويغيروا الصورة السلبية السابقة لدينا عن النخبة، من خلال آداء قوى داخل البرلمان، وتقديم كفاءات قوية، تضع نصب أعينها مصلحة مصر، لا تأتلف من أجل مصالح شخصية أو رئاسة لجان، لا تسعى لتأييد سلطة أو الاستفادة منها، وإنما تتحرك وفقاً لبرنامج وطنى يخدم مصلحة الدولة ومصالح الشعب.

كما أرجو من الجميع، إعلام ومواطنين، ممن يختلفون مع بعض الوجوه الجديدة فى البرلمان، تفهم أن البرلمان ليس حزباً سياسياً، وإنما مؤسسة وطنية، مثله مثل الكونجرس الأمريكى، أو البرلمان الفرنسى، جاء ليستكمل مؤسسات الدولة المصرية، فإلى جانب السلطة القضائية والتنفيذية، أصبح لدينا اليوم سلطة تشريعية، انتقد من جاءوا فيها كما شئت ولكن دون انتقاص من هيبة البرلمان، وليكن نقدنا نقداً بناءاً من أجل إعلاء شأنه وتفعيل دوره وتمثيله بصدق لمصالح كافة المصريين. عاشت مصر عظيمة وحفظ الله شعبها الأصيل.