لا يفوتنى فيلم «مراتى مدير عام»، كلما عرضته «القاهرة والناس».. أتأمل صلاح ذوالفقار وشادية.. قصة التحول من الصراع إلى الاعتراف.. لا أعرف كيف كانا يتصرفان، لو كانت شادية نائبة فى البرلمان، تلتقى الجماهير وتمر على الدواير، وتترك البيت من الصباح إلى المساء؟.. هل كنا سنرى معركة حربية.. معروف أن المدير العام فى «مصلحة» غير النائبة.. الأولى لها سلطة، والثانية بلا سلطة ولا سلطان!
فى زحمة الأشياء والأحداث تاهت إنسانيات الصحافة.. الموضوعات الإنسانية لها قراؤها مهما كانت الأحداث السياسية.. أتحدث عن الإنسانيات، لا عن فضائح البشر.. كنت أنتظر مثلاً أن تبحث الصحف خلف كل نائبة نجحت فى الانتخابات، خاصة اللاتى ترشحن فى الريف.. بالتأكيد هناك قصص تُروَى.. قصة النجاح فى البيت تعنينى، إضافة إلى قصة النجاح فى البرلمان.. هل وراء كل نائبة «رجل عظيم»؟!
يعنينى مثلاً أن تلتقى الصحف بالرجل أكثر من المرأة.. حبذا لو قدم التليفزيون يوماً فى حياة الرجل زوج النائبة.. متى يستيقظ؟.. كيف يبدأ يومه؟.. هل يقف فى المطبخ ليجهز الطعام للأولاد؟.. هل يذاكر معهم الدروس؟.. هل تغيرت حياته؟.. هل أصبح يقوم بعمل زوجته النائبة؟.. هل الحياة مُعرّضة للانهيار، أم أصبحت أكثر شراكة بينهما؟.. ماذا لو كانت النائبة من الريف وتركت «البيت» من أجل «البرلمان»؟!
هل تغيرت مجتمعاتنا الشرقية لصالح الشراكة الأسرية؟.. هذا هو السؤال الأهم.. هل يجد الرجل أنه من العيب الوقوف فى المطبخ؟.. فى الغالب كانت المرأة تقوم بعمل الأب والأم، حال سفر زوجها، أو حال نجاحه فى البرلمان، هل تغيرت الأوضاع الآن؟.. هل الأب يقوم الآن بدور الأم والأب؟.. هل يساند زوجته كنائبة ووزيرة؟.. أم أن الحكاية لا تأخذ وقتاً طويلاً، ثم تقع الفأس فى الرأس؟.. هل ينقلب البيت إلى جحيم؟!
ليس صحيحاً أن كل زوجة دخلت البرلمان عندها «شغالة».. وليس صحيحاً أن «الشغالة» يمكن أن تقوم بدور الأم.. عندنا نائبات عاديات يعملن كل شىء فى المنزل.. من أول المطبخ وحتى التنظيف والمذاكرة.. هل الاستعانة بمدرسين أو شغالات يحل مسألة غياب الأم؟.. الإجابة لأ.. كيف كان يتصرف صلاح ذوالفقار، لو كانت زوجته مرشحة ثم نائبة؟.. هل الرجل تغيّر فعلاً؟.. هل النائبة نجحت فى ترويضه أولاً؟!
لا أسأل طوال الوقت عن «المرأة النائبة»، وإنما أسأل عن «زوج النائبة».. هناك رغبة فى معرفة ماذا جرى؟.. هل ينتظرها حتى تعود، لتطبخ وتمسح وتذاكر؟.. خلّونا نشوف نماذج من هذه النوعية.. كيف واجهوا الحقيقة؟.. هل كان يقف خلفها لإرضائها، وهل كان يعرف أنها مسألة أسابيع والسلام؟.. كيف استقبل نجاحها؟.. وكيف استعد ليسد الفراغ الأسرى؟.. هل سيدفع «الضريبة» برضا أم مكرهاً مضطراً؟!
يبقى أن نعرف موقف «شادية» فى فيلم «مراتى نائبة».. أتحدث عن الأمهات لا الجدات.. أتحدث عن الزوجات الشابات، اللاتى لهن أولاد فى المدارس.. هل تنقل أبناءها وزوجها للعاصمة؟.. هل تستيقظ فجراً لإعداد الطعام وتنظيف البيت، قبل جلسة البرلمان؟.. أم سيقوم الزوج بتقشير البصل؟.. إلى أى حد تغيّر «آدم»؟!