تخيلوا أمّة تهتم بقضية تحرش على التحالف العسكرى!.. وتخيلوا حين تهتم هذه الأمة بصور فاضحة عما يجرى فى مجلس النواب؟.. ما معنى أن ينشغل الإعلام بهذه القضية فى توقيت كهذا؟.. وما معنى أن يتلاسن الإعلاميون بالكلام عن الفضائح، كل واحد يقول: فضايحك عندى؟.. ما معنى هذا الانفلات؟.. هل أخطأنا حين ألغينا وزارة الإعلام؟.. هل الضرورة تقتضى الآن تعيين وزير جديد للإعلام مرة أخرى؟!
كيف تعاملت الحكومة مع الأزمة التى تصل إلى حد الفضيحة؟.. هل فكّر شريف إسماعيل فى تعيين وزير للإعلام؟.. هل ناقش مجلس الوزراء ما جرى على مدى أيام؟.. هل العبرة بإصدار قوانين فقط؟.. هل فكرة وجود وزير قائمة بالفعل؟.. اللواء سمير فرج طالب فى أكثر من مناسبة بتعيين وزير إعلام لمواجهة فوضى الفضائيات وانهيار المؤسسات القومية، وهيكلة التليفزيون.. فهل كان على حق؟!
تصوروا حين نستيقظ على فضائح كل يوم!.. هل يمارس الإعلام تغييب الناس؟.. ما جرى لا يغسله ماء البحر.. بعض الساخرين يقول: «لو تحوّل ماء النيل إلى ديتول لا يكفى لتطهير الإعلام».. كل واحد كان يقول للتانى: فضايحك عندى كلها.. هل الإعلاميون لهم فضائح مسكوت عنها؟.. هل الفضائح شرط الظهور؟.. هل أصبحت ضمن ملف المؤهلات؟.. لماذا يشغلوننا بـ«النصف الأسفل»؟.. هل هى فضائيات صفراء؟!
أزعجنى أن يتصدى للأزمة من يسمّون أنفسهم بغرفة «صناعة الإعلام»، مع أن المصائب من هذه الفضائيات التى تمثلها الغرفة، ومع أن الغرفة عبارة عن «تكتل احتكارى» هدفه السيطرة على تورتة الإعلانات.. فى الوقت نفسه غاب صوت الدولة تماماً.. ولو دققت فى وجوه الجميع، فسوف تعرف أن ما أقوله صحيح.. هم أصل المشكلة الكبرى.. كيف ننتظر حلولاً من جانبهم؟.. الفضائيات أصبحت المرادف للفضائح!
كنت ممن يرفضون وجود وزير للإعلام، بعد صفوت الشريف.. هو نفسه قال إنه آخر وزير للإعلام.. عملياً اكتشفنا أن كلامه صحيح.. ليس عندنا وزير، بعده، له أثر أو بصمة.. من يومها ليس عندنا إعلام، ولكن عندنا فضائح.. فهل الضرورة تقتضى عودة الوزير؟.. ما هى المهمة؟.. هل يكون رقيباً؟.. لا نريد رقابة.. نريد تحقيق الانضباط؟.. نريد أن يكون الإعلام «رسالة»، كما تعلمناه، ليحمى «منظومة القيم»!
السؤال الآن: هل هذه الضجة من صنع الدولة؟.. لا أتصور أبداً أنها وراء تسريب هنا أو تحريض هناك.. خالد يوسف نفسه لم يقل هذا.. خالد يوسف ليس ضد الدولة.. كان فى طليعة الثورة.. لكن هل تستفيد الدولة من هذه الأزمة؟.. ممكن.. سواء بعودة وزير الإعلام، أو بالضغط للإطاحة بكل جيل الفضائح، ليظهر بدلاً منه جيل جديد.. لا هو بتاع فضائح، ولا هو من الزعماء.. يتعامل مع «المهنة» بلا ضجيج!
القضية لم تعد تخص خالد يوسف.. قضيته الآن فى يد القضاء.. القضية تخص الإعلاميين أولاً، وتخص المجال العام.. فمن الذى سمح لهؤلاء بتشكيل الرأى العام؟.. من أعطاهم هذه المنابر؟.. وما هى المؤهلات الشخصية؟.. لا تسنّوا السكاكين لأحمد موسى وحده.. للأسف، الفضائيات أصبحت للفضائح.. فأين كانت «غرفة صناعة الإعلانات»؟!