كتبنا كثيراً في الفترة الأخيرة عن إخفاقات اتحاد الجبلاية، وكان من الضرورى أن نكتفى على الأقل في الوقت الحالى بما كُتب عن الكرة المصرية؛ لأنى زهقت، وأكيد القراء زهقوا.
واليوم سوف نتكلم في موضوع مشترك بين الرياضيين والسياسيين، لكنه أصلاً موضوع رياضى. كلنا يعرف الاحتراف الرياضى، خاصة في كرة القدم، ولم نكن نعتقد أننا سوف نعيش حتى نرى في بلدنا الاحتراف السياسى في البرلمان المصرى، لكنه حدث، رأينا جميعاً الأحزاب الكرتونية في مصر تعقد الصفقات مع سياسيين مخضرمين، وأيضاً مع ناشئين توسموا فيهم النبوغ المبكر، وآخرين. في الكرة ليس مهماً أن تحب النادى الأهلى أو نادى الزمالك لتحترف فيه، والغريب أن هذا ما حدث مع الأحزاب، ليس مهماً أن تكون قد سمعت عن الحزب أو عرفت أفكاره ومبادئه إذا كان له أفكار أو مبادئ أو برنامج لكى تنضم إليه.
في الكرة ربما يكون من المهم، ولكن ليس ضرورياً أن تشعر بالحب والانتماء إلى النادى الذي سوف تحترف فيه، ولكن في السياسة التي قرأنا عنها، وربما رأينا جزءاً منها، من الضرورى أن تحب وتقتنع بمبادئ وأفكار وبرنامج الحزب الذي سوف تنتمى إليه، لأن الولاء في هذه الحالة يأتى منذ اقتناعك ودخولك هذا الحزب. ولكن للأسف، ما رأيناه في كثير من الحالات وليس في كلها غير ذلك. الأحزاب رصدت كثيرين من المتطلعين إلى البرلمان ومن لديهم الفرصة، بعضهم لديهم الشعبية وليس لديهم المال، وآخرون لديهم المال وليس لديهم من يخطط لهم ويساعدهم على الفوز. وقليل لديهم الشعبية والمال، ومن الطبيعى أن هؤلاء لم ولن ينضموا إلى أحزاب وليدة فترة الحمل فيها لم تتجاوز الشهور، والقائمون عليها معظمهم أشخاص وهميون تم صناعتهم أو لهم تاريخ مالى وليس لهم تاريخ سياسى، وبدأوا البحث عن السلطة والسياسة بعد أن امتلأت خزائنهم. هل ما تم سببه قصور في القوانين، التي تسمح لأى لاعب بارتداء قميص أي نادٍ دون أن يدخل عتبة النادى، ويتعرف على مدربه وعلى القائمين على النادى. آسف سرحت، قصدى: هل القوانين القاصرة هي التي سمحت لأى مرشح بأن ينضم إلى أي حزب قبل موعد الانتخابات بأيام؟ ربما هذه ظاهرة جديدة وحديثة سوف تُكتب باسم المصريين في التاريخ، فنحن بلد العجائب وكل ما هو جديد وغير مفيد. تخيل أن فريق كرة القدم لا يعرف اللاعبون فيه بعضهم البعض، ويرتدون نفس القميص وينزلون إلى الملعب، وقبل بدء المباراة بدقائق يأتى المدرب الذي يعرفونه وربما لا يعرفونه،، ويبدأ قراءة أسمائهم وتعريفهم ببعض، هل هذا معقول؟ من المؤكد لا، ومن مؤكد المؤكد أنهم سيُهزمون حتى لو معهم ميسى، وحتى لو كان المدرب جوارديولا.
هذا السخف يا سادة يحدث الآن مع البرلمان الحالى، أتوا بالمرشحين أو النواب من كل فج عميق، وألبسوهم قميص الحزب، ونزلوا بهم الانتخابات، سمك، لبن، تمر هندى.
أتمنى من الله أن يستطيع المدربون السيطرة على اللاعبين، فهذه المباراة ليست مباراة كرة قدم، ولكنها مباراة دولة على حافة الهاوية، لا ينفع فيها التجربة والفشل، فنحن نلفظ أنفاسنا الأخيرة.
نتمنى أن تنجح هذه التجربة اللامعقولة في بلدنا بلد العجائب، ولكن ما يخيفنى أن كثيرين من أعضاء البرلمان دخلوا إليه عن طريق أموالهم، وعن طريق الرشاوى الانتخابية الفجة.
سوف يندم كل ناخب انتخب مرشحاً لمجرد أنه اشترى صوته ببطانية أو غير ذلك من وسائل الإغراء.
ورحم الله القذافى حينما قال «فى الحاجة تكمن الحرية»، ولن يكون في بلدنا حرية في الاختيار ولا ديمقراطية، مادام المحتاجون هم الأغلبية، ويوجد بيننا من يتاجر بآلام الفقراء.
أعتقد أن الحديث عن كرة القدم أرحم، لأن الحديث عن البرلمان والمرشحين كله مرارة.