حكايتى مع الداخلية (2)

نصار عبد الله السبت 12-12-2015 21:25

أواصل الحديث عن الرسالة المفتوحة التى وجهتها فى عام 1991 عبر بريد الأهرام إلى السيد وزير الداخلية بخصوص المنزل الذى كان مأمور مركز البدارى يشغل طابقه الأول بينما نائبه يشغل الطابق الثانى، ورغم كثرة ما تداول عليه من مآمير، لم يحدث- إلا نادرا- أن بادر واحد منهم إلى سداد الإيجار!، وفى أعقاب نشر الرسالة دعانى السيد اللواء مدير أمن أسيوط لزيارته فى مكتبه، حيث قال لى إن مصادره الخاصة قد نقلت إليه أن هذا المنزل هو فى الأصل عطية من عمدة البدارى (الذى أنا واحد من أحفاده) إلى وزارة الداخلية، عرفانا بما كانت تقدمه له الوزارة من عون ودعم!.. وقلت للسيد مدير الأمن: إن وزارة الداخلية على وجه اليقين ليس لديها عقد هبة أو عطية أو تبرع، وإلا لما سمحت للسادة المآمير بأن يوقعوا على عقود ملزمة بالنسبة لهم، ولقد قمت بنفسى بتحرير أكثر من عقد مع أكثر من مأمور طبقا لما يمنحه القانون للموظف المنقول من أولوية فى استئجار العين التى كان يشغلها سلفه، لكن أحدا منهم لم يلتزم بنصوص العقد إلا فى حالات نادرة طبقا لما ورد فى رسالتى المنشورة فى الأهرام (قدمت له صورا من العقود التى تثبت صحة ما ذكرته).. وأضفت قائلا لسيادته: إن الحالة الوحيدة التى نتنازل فيها عن الإيجار هو أن يكون العقار محتاجا إلى إصلاحات أو ترميمات معينة، وبوجه خاص دورات المياه التى كثيرا ما يؤدى إهمال صيانتها إلى الإضرار بالعقار، وفى مثل هذه الحالة فإننا نتنازل عادة عن متجمد الإيجار فى مقابل أن يقوم المستأجر بإصلاحها على حسابه، وهو مبدأ نلتزم به بالنسبة لسائر مستأجرينا من شاغلى عقاراتنا القديمة سواء كانوا من الضباط أو من غيرهم، غير أن الفارق الذى لمسناه بين أغلب ضباط الشرطة وسواهم، هو أنهم كثيرا ما لا يقومون بالإصلاح ويتركون الوضع على حاله، بينما سواهم يقومون بالفعل بصيانة وترميم الوحدات التى يشغلونها!!، وتأكيدا لكلامى قدمت لسيادته اتفاقا كتابيا بينى وبين أحد السادة المآمير، يتعهد فيه سيادته بالقيام بالترميمات المطلوبة، وأقر فيه أنا بالتنازل عن الإيجار فى مقابل ذلك، وأوضحت للسيد اللواء أن السيد المأمور لم ينفذ ما تعهد به، فلا هو سدد الإيجار ولا هو قام بالترميمات!.. وقال لى مدير الأمن بعد أن دون بعض الملاحظات: يمكنك أن تعتبر المشكلة منتهية، فسوف نسدد لك من صندوق الخدمات ما هو مستحق على السادة المآمير ونوابهم اعتبارا من التاريخ الذى شغلت أنا فيه موقعى كمدير لأمن أسيوط.. أما المستحقات السابقة فإننى أنصح أن تطلب مقابلة السيد الوزير، وأنا واثق من أنه سوف يقتنع بحقك ويوفيك إياه! وأعقب سيادته القول بالفعل فاستدعى الضابط المسؤول عن صندوق الخدمات (كان برتبة لواء).. وطلب منه تحرير محضر بأقوالى وصرف متجمد الإيجار عن الفترة التى تولى فيها مديرية الأمن، وهذا ما حدث بالفعل.. وانتهت المشكلة إلى حين!.. ثم عادت فى السنوات التالية تطرح نفسها من جديد!... لكن الصورة فى هذه المرة كانت قد استجدت عليها عوامل دراماتيكية جديدة جعلت من حماسى فى المطالبة بحقى يفتر فتورا كبيرا، ويمتزج بمشاعر متضاربة جعلتنى فى النهاية أصارح أشقائى بأننى شخصيا سوف أكف عن المطالبة بتلك الإيجارات القديمة التى لم تعد مع التضخم المستمر تسمن أو تغنى من جوع، فى الوقت الذى بدأت فيه العمليات الإرهابية تتصاعد، وبدأ شهداء الشرطة يتساقطون فى كل مكان.. وطلبت منهم إعفائى من هذه المهمة التى أصبحت ثقيلة على نفسى.. وللحديث بقية.

nassarabdalla@gmail.com