قد يرى البعض أن ما يحدث - هذه الأيام - فى حزب الوفد، أمر غير مسبوق، وأقصد مجموعة النائب الوفدى فؤاد بدراوى، الوفدى أباً عن جد، سواء من ناحية جده لوالدته فؤاد باشا سراج الدين، أو من ناحية جده الكبير البدراوى باشا عاشور.. وبعيداً عن الاتفاق أو الاختلاف حول أسباب ما يجرى الآن بين تيارين أساسيين داخل الحزب العريق، فإن هذا ليس هو أول انشقاق أو اختلاف داخل أعرق أحزاب مصر.
إذ حتى فى عصر زعامة سعد زغلول للحزب.. حدث الانشقاق الأول أو الاختلاف الأول، وكان سببه الاختلاف حول مبادئ الصراع فى مصر كلها.. فإذا كان حزب الوفد يتشدد فى مطالبه، أو صراعه مع القصر الملكى، فإن مجموعة الأحرار الدستوريين ترى أن مصالحها أن تقف مع السلطان للدفاع عن مصالحها هى، وكان هذا هو الانشقاق الأول الطى نتج عنه إنشاء حزب الأحرار الدستوريين أكتوبر عام 1922.
** وجاء الانشقاق الثانى - أيضاً فى أكتوبر - ولكن عام 1932، أى فى عصر زعامة النحاس باشا.. وهو الانشقاق الذى عُرف باسم «انشقاق السبعة والنصف»، ففى يناير 1932 ظهرت فكرة تأليف حكومة ائتلافية من الوفديين والأحرار الدستوريين بإيعاز من الإنجليز، واعتنق الأحرار هذه الفكرة حتى يعودوا إلى كراسى الحكم، وكان ذلك أيام حكومة إسماعيل صدقى، ونجح الأحرار فى جذب 8 من أعضاء الوفد.. ولكن النحاس ومكرم عبيد وأحمد ماهر والنقراشى رفضوا الفكرة، إذ كانوا يرون أن يؤلف الحكومة الجديدة من حصل على الأغلبية البرلمانية وهو حزب الوفد.. وقالوا كفى ما تعرضنا له من انسحاب حزب الأحرار من الوزارة الائتلافية الأولى عام 1928.
* وهنا نشأ الخلاف داخل حزب الوفد، وتطور إلى انشقاق بدأ باستقالة نجيب الغرابلى من الوفد، ورغم أنه عاد وسحب استقالته إلا أن النحاس باشا قبل الاستقالة بحجة أن الغرابلى تعاون مع صدقى!.. وقبل النحاس الاستقالة فى أكتوبر 1932، واعترض على ذلك كل من: فتح الله بركات، وحمد الباسل، ومراد الشريعى، وعلوى الجزار، وفخرى عبدالنور، وعطا عفيفى، وراغب إسكندر، وسلامة ميخائيل، وأعلنوا تضامنهم مع الغرابلى، وقاطعوا اجتماعات الوفد، فأعلن النحاس بياناً فى 20 نوفمبر 1932 باعتبار مسلك الأعضاء السبعة خروجاً على الوفد وانفصالاً عنه، وترك الباب مفتوحاً أمام فتح الله بركات بسبب وجوده فى المستشفى، ولكنه أعلن انضمامه إلى الأعضاء السبعة.. ونشر على الشمسى بياناً يؤيد موقفهم هذا فاعتبره النحاس أيضاً منفصلاً عن الوفد.. ثم استقال جورج خياط لأسباب صحية.
ولأن على باشا الشمسى كان قصير القامة.. فإن المتشددين الوفديين اعتبروه «نصفاً» وهكذا أطلقوا على هذه المجموعة اسم: جماعة السبعة.. والنصف!!
ونستكمل غداً.