وكما كانت الرائعة شادية فى فيلم نص ساعة جواز مصابة بالإستبحس الذى كانت تأتيها نوباته أحيانا فى اللحاف وأحيانا فى مشابك الغسيل، ثم فى نهاية الفيلم جاءها «فى الرجالة»، فيبدو أن هذا الشباب العنيد الذى يطلق على نفسه اسم «شباب الثورة» مصاب بإستبحس شكله كده برضه يأتيهم «فى الرجالة»، حيث يعتقدون أنهم يملكون إرادة تغيير أى رئيس فى أى وقت!.. بداية وحتى نتذكر سويا، فإن من يطلقون على أنفسهم شباب يناير هم هؤلاء الذين شاركوا «بالعنف» فى أحداث ثورة يناير ثم امتنعوا تماما عن المشاركة فى ثورة يونيو لأنهم كانوا من أنصار استكمال التجربة وإبقاء مرسى رئيسا!.. هؤلاء هم الآن من ينادون بثورة ثالثة فى يناير القادم ليؤكدوا لنا ما سبق انطباعه فى أذهاننا عنهم بأنهم «شوية صيع» لا شغلة لديهم ولا مشغلة!.. يحلمون بالعمل فى الفضائيات أو الكتابة فى الصحف، لذلك تجد من لم يحقق هذا الأمل منهم يستلم أنجح الإعلاميين وأبرز الكتاب بالتطاول والسباب غلا وحقدا.. يقول المثل «إن كبر ابنك خاويه»، وربما قررت الرئاسة احتواء هؤلاء الشباب من منطلق أن الجميع أبناؤنا.. لكن ماذا لو كان ابنك «بيقبض» فى مقابل نشر الفوضى فى كل مكان؟.. ثم هل هو ابنك أصلا؟.. هو مش عماد حمدى سكع عبد الحليم قلم وقاله «إنت مش ابنى»؟.. ابنك هو الذى نراه فى الغيط والورشة عندما يشتد عوده بينزل يساعدك.. هل تتوقع من ابنك إنه يجرف الغيط أو يحرق الورشة؟.. فما بالك بمن بالفعل أقدم على هذا؟.. لذلك كان طبيعيا أن يكون رد فعل بعض هؤلاء الشباب على دعوة اللقاء للحوار مع الرئاسة أن كل واحد فيهم تملكته «التناكة» ووضع رجلا على رجل وبدأ يملى شروطه للموافقة على الحوار!!.. لو كان هؤلاء الشباب معنيين بالعدالة الاجتماعية والحريات وهذا اللوك لوك الذى يدَعونه لكانوا شاركوا بشكل إيجابى تجاه مشاكل المجتمع.. أين مساهماتهم مثلا فى أزمة غلاء الأسعار؟.. لماذا لم يتوجهوا لوزارة التموين بصفتهم «شباب الثورة» ويشاركوا فى عربيات البيع المتحركة التابعة للوزارة؟ لماذا لم يفعلوها على نفقتهم الخاصة، ألا يعتبرون أنفسهم قادة وزعماء؟.. أين مساهماتهم فى تنشيط السياحة؟.. أين مساهماتهم فى تطوير العشوائيات ومنهم المهندسين والمش عارف إيه؟.. إنهم حتى عندما منحهم المجلس العسكرى فرصة المنصب وقت حكومة عصام شرف لم يتعاملوا إلا بكل غرور وصلافة وتصوروا أنهم امتلكوا الدنيا وما عليها ولم نر منهم أى إسهامات إيجابية لحل أى مشاكل مجتمعية!.. أداء هؤلاء الشباب وقتها أثبت أنهم لا يعرفون إلا الشارع ولا يريدون تركه وأنهم أبعد ما يكونون عن العمل المؤسسى الذى يبنى الدولة.. الثورات تصنعها الشعوب لا دعوات الفيس بوك.. كان من الممكن أن تخمد ثورة يناير لولا هبَة الشعب مع الشباب.. ولأن ثورة يناير كانت بلا رأس وخِلنا وقتها أن هذا هو أجمل ما يميزها، تبين لنا بعدئذ أنها كانت تحمل رأس أفعى تمثلت فى قفز الإخوان على السلطة، وما تكشف لنا بعد ذلك من تبعية شباب 6 إبريل للإخوان وكذلك بعض وجوه الشباب التى عرفت طريقها لنجومية الإعلام.. تجمعت بعد ذلك نفس الظروف المجحفة أثناء حكم الإخوان مما أدى لتكرار هبَة الشعب لعزلهم بمرسيهم.. لذلك أتساءل ماذا يرى الآن من يطلقون على أنفسهم شباب يناير من ظروف تتشابه مع ما قبل يناير أو ما قبل يونيو حتى يدعوا إلى ثورة ثالثة؟.. نعم الشرطة بها تجاوزات لكنها مازالت قيد السيطرة إن أرادت قيادتها ذلك.. من يطالبون بإلغاء قانون التظاهر يتناسون أنه كان مطلبا جماهيريا لمواجهة عنف الإخوان وقتها.. حتى من يشكون بأن الرئيس لا يستمع للمقترحات والآراء لأنه محاط برجاله الذين يعزلونه عن الناس، فالحقيقة العارية أن مشكلتهم أنهم لا يريدون طرح آراء ومقترحات بقدر ما يريدون لقاء الرئيس شخصيا والجلوس معه شخصيا ليشعروا بالتميز.. لو كان الغرض الصالح العام لكفاهم أن يتلقى منهم رجال الرئيس تلك الآراء والمقترحات وأن تأخذ حيز التنفيذ.. هناك شباب مكافح وشباب مهمش من أبنائنا يستحقون الاحتواء، بينما هناك شباب لقيناهم على باب الجامع واتدبسنا فيهم واللى حصل حصل، فهؤلاء لا ينبغى الالتفات لهرتلتهم حتى لو حلفوا برأس سلطح بابا أنهم سيقومون بثورة!