من الجانى؟!

عبد الناصر سلامة الخميس 10-12-2015 21:25

التقارير الرسمية تؤكد أن مصانع السلاح الغربية، خاصة الأمريكية منها، تعمل بكامل طاقتها الآن، فى سباق مع الزمن لتلبية احتياجات دول الشرق الأوسط تحديداً، إضافة إلى غيرها من الدول المشاركة فى العدوان على الشرق الأوسط، بزعم الحرب على الإرهاب، أو القصف على داعش، أو حتى حماية مصالحها.

المهم أن الحرب على سوريا، والحرب على اليمن، والحرب فى ليبيا، والحرب فى العراق، أصبحت تستحوذ جميعها على الجزء الأكبر من استيعاب السلاح فى العالم، ناهيك عن عمليات التخزين المرعبة التى تتجه لها كل دول المنطقة بلا استثناء، فى استنزاف واضح وخطير لمقدرات هذه الشعوب، التى هى فى حقيقة الأمر فى حاجة ماسَّة إلى كل دولار مما يتم إنفاقه بهذا الشكل العبثى.

التقارير أكدت زيادة الطلب بشكل واضح على الصواريخ أمريكية الصنع، وعلى القنابل الذكية، الشركات المنتجة للسلاح نظمت دوريات عمل إضافية، واستعانت بمزيد من العمال، ورغم ذلك يواجهون صعوبات تتعلق بقدرة مصانعهم على تلبية الطلبات، وقد يحتاجون لتوسيعها، بل فتح مصانع جديدة.

شركة لوكهيد مارتن الأمريكية أعلنت أنها سوف تقوم بتوسيع مصنعها الذى ينتج صواريخ هلفاير، جو/ أرض، التى لا يتم رصدها بالرادار، سعر الصاروخ الواحد منها يتراوح بين 60 و100 ألف دولار، وكالة أنباء «رويترز» ذكرت أن الموافقات على مبيعات الصواريخ والقنابل الذكية وغيرها من الذخيرة لحلفاء الولايات المتحدة قفزت إلى ستة مليارات دولار فى العام المالى 2015 مقارنة بـ3.5 مليار دولار فى العام السابق. فى الوقت الذى زادت فيه الموافقات على مبيعات الأسلحة الأمريكية للخارج، بشكل عام، بنسبة 36%، لتسجل 46.6 مليار دولار منذ بداية 2015 حتى سبتمبر الماضى، مقارنة بنحو 34 مليارا عن العام السابق.

فرانك كيندول، رئيس قطاع المشتريات بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، قال إن هناك طلباً قوياً على صواريخ هيلفاير بالتحديد، وقال كيندول ومسؤولون أمريكيون كبار آخرون إنهم يعملون مع لوكهيد مارتن وشركتى رايثيون وبوينج، لتسريع وتيرة إنتاج الذخيرة الدقيقة، وربما إضافة قدرات جديدة، لذا فقد حققت أسهم شركات الدفاع أداء قوياً فى الأشهر الماضية، مع توقعات بنتائج أفضل.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أقرت مؤخراً صفقة بقيمة 1.29 مليار دولار مع السعودية، لبيع 22 ألفا من معدات القذائف الهجومية وأنواع أخرى من القنابل دقيقة التوجيه، وقالت بوينج إنها زادت إنتاجها اليومى من هذه المعدات بنسبة 80%، لتلبية طلب من الجيش الأمريكى ومن 25 بلدا آخر.

المهم أن كل التقارير الأمريكية حول زيادة صادرات السلاح تتحدث، بل تتفاخر بانخفاض نسبة البطالة فى المناطق أو الولايات التى تقع بها مصانع التسليح، ولا تخفى فى الوقت نفسه ارتفاع أسعار أسهم هذه الشركات فى أسواق الأوراق المالية، السباق بين هذه الشركات ينحصر فى حجم المبيعات، ونسب الأرباح، وحجم العمالة، والمصانع الجديدة التى يتم إنشاؤها فى المستقبل، التنافس على قدم وساق فى تطوير قدرات السلاح، على تدمير أوسع للكرة الأرضية، على حصد أرواح أكبر عدد ممكن من البشر، الفضاء أصبح يئن بأقمار التجسس، كما البحار أصبحت تعج بالغواصات والبوارج، كما الأرض قد ضاقت بالمطارات العسكرية، ومخازن السلاح والذخيرة، وقواعد المدرعات، والدبابات، وعربات نقل الجنود.

هذه الأسلحة بكل أنواعها هى عتاد المتناحرين فى دول العالم الثالث، هى بمثابة استنزاف للثروة والطاقة فى آن واحد، هى تأجيج واضح لنار الفتنة، وعلى الرغم من ذلك، فقد استطاع صناع السلاح إقناعنا بأننا إرهابيون، وهمجيون، ودمويون، وأنهم هم المتحضرون، الذين ترعرعوا فى مدارس الأخلاق الحميدة.

نستكمل غداً.

abdelnasser517@gmail.com