هل يفوز «ترامب» بترشيح الحزب الجمهورى؟

منار الشوربجي الثلاثاء 08-12-2015 21:20

سألنى بعض الأصدقاء حول توقعاتى لمعركة الرئاسة الأمريكية ومن الذى يفوز بترشيح الجمهوريين ليخوض المعركة «ضد هيلارى كلينتون»، فقلت إن الوقت لا يزال مبكرا للغاية لحسم تلك المسألة، حتى بالنسبة لكلينتون. فقالوا لماذا إذن الاهتمام من الآن بما يجرى، فقلت إن ما يدور الآن سيؤثر بقوة على ما سيجرى لاحقا.

ولأشرح ما أعنيه بهذا وذاك، يجدر التذكير بأن اليوم المحدد لانتخاب الرئيس الأمريكى الجديد يحل موعده فى نوفمبر 2016. وهو اليوم الذى سيختار فيه الناخبون بين مرشحى الحزبين الديمقراطى والجمهورى. أما ما يحدث اليوم فهو ما يسمى بالانتخابات التمهيدية، والتى يتم فيها اختيار مرشح كل حزب. وفى كل حزب يتنافس الآن عدد من المرشحين، سيختار من بينهم الناخبون واحدا فقط ليمثل كل حزب ضد الحزب المنافس. وهى انتخابات تتم فى ولاية بعد الأخرى ولم تبدأ بعد، إذ ستنعقد أولاها فى فبراير القادم.

ورغم أن عددا من المرشحين يتنافسون على ترشيح الحزب الديمقراطى، على رأسهم هيلارى كلينتون وبرنى ساندرز، إلا أن الاهتمام الأكبر ينصب على ما يجرى فى الحزب الجمهورى الذى يتنافس على ترشيحه 14 مرشحا لا يزال الميلياردير دونالد ترامب يتصدرهم فى كل استطلاع رأى لناخبى الحزب.

ولا يزال الوقت مبكرا للحكم حتى بالنسبة لمن يفوز بترشيح أى الحزبين، ليس فقط بسبب الجدول الزمنى الذى ذكرته توا وإنما بسبب طبيعة المرحلة التمهيدية نفسها. فلأن الانتخابات التمهيدية لا تجرى فى الولايات كلها فى توقيت واحد، وإنما تحدد كل ولاية، مع الحزب، توقيت انعقاد الانتخابات فيها، فإن المرشح، متى بدأت الانتخابات فعلا، عليه أن يتحرك وبسرعة بين الولايات المختلفة ويكون مستعدا بالدعاية فى غيرها. وهو ما يحتاج لتمويل ضخم للغاية حتى يحقق هذا وذاك. ونتائج الاقتراع فى الولايات التى تعقد انتخاباتها فى أول السباق تؤثر على التمويل والفوز اللاحق معا. فالفائز فى الولايات الأولى يتحرك بقوة الدفع فيما يليها وهذا الفوز نفسه يجلب له الممولين الذين يشعرون عندئذ أن الرهان عليه مفيد. أكثر من ذلك، فإن الجدول الزمنى للانتخابات التمهيدية هو نفسه قد يدفع للأمام بحظوظ المرشح دونالد ترامب رغم أنه صار مصدر قلق لقيادات الحزب الجمهورى. فالذين يدلون بأصواتهم فى الانتخابات التمهيدية هم قاعدة كل حزب، أى نشطاؤه والأكثر ارتباطا به، أى اليسار فى الحزب الديمقراطى واليمين فى الحزب الجمهورى وتلك عينة ليست ممثلة لعموم الناخبين الأمريكيين الذين يحسمون معركة الرئاسة فى نهاية الأمر. وقاعدة الحزب الجمهورى صار يهيمن عليها التيار الصدامى خصوصا بين البيض المحافظين، فضلا عن اليمين الدينى. والجدول الزمنى يعطى لولايات الجنوب الأكثر محافظة قوة كبيرة حيث تتم الانتخابات فى عدد منها معا مما يعطى قوة دفع كبيرة للفائز فيها قبل أن تبدأ أصلا الانتخابات فى ولايات أكثر اعتدالا.

لكن ما يحدث الآن وطوال المعركة التمهيدية التى تنتهى منتصف العام القادم يؤثر بالضرورة على طبيعة الفائز بالرئاسة. فبسبب المد المحافظ فى أمريكا عموما صار الحزب الديمقراطى نفسه ينحو يمينا منذ عقود، لكن وجود برنى ساندرز فى حملة الرئاسة يدفع بالحزب الديمقراطى يسارا على الأقل فى المرحلة التمهيدية. وما يجرى فى الحزب الجمهورى يدفع الحزب بكل قوة نحو مواقف يمينية أكثر تطرفا، وهو الأمر الذى سيعكس بالضرورة متى تهدأ العاصفة التمهيدية ويبدأ كل حزب فى ترتيب أوراقه ضد الحزب الآخر.