«زي النهارده».. اكتشاف تمثال نفرتيتي 7 ديسمبر 1912

كتب: ماهر حسن الإثنين 07-12-2015 04:05

عاشت نفرتيتي في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، زوجةً للفرعون المصري إخناتون أحد ملوك الأسرة الثامنة عشر في مصر القديمة والذي دعا لديانة جديدة سميت الديانة الآتونية، تدعو لتوحيد عبادة قرص الشمس آتون لا يعرف الكثير عن نفرتيتي، ولكن هناك نظريات تشير إلى أنها كانت من الأسرة الملكية أو أميرة أجنبية أو ابنة مسؤول حكومي رفيع يدعى آى، الذي أصبح فرعون بعد توت عنخ آمون المؤكد أنها كانت زوجة لأخناتون، الذي حكم مصر من 1352 ق.م إلى 1336 ق.م.

أنجبت نفرتيتي ست بنات لإخناتون، إحداهن هي عنخ إسن آتون (التي عرفت فيما بعد باسم عنخ إسن أمون) زوجة توت عنخ آمون وقد اختفت نفرتيتي من التاريخ في السنة الثانية عشرة من حكم إخناتون، ربما لوفاتها أولأنها اتخذت اسمًا جديدًا غير معروف كما ادعى البعض أنها حكمت لفترة وجيزة بعد وفاة زوجها.

ويعد تمثال نفرتيتي أحد أشهرالأعمال الأثرية المصرية القديمة وهو تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري عمره أكثر من 3300 عام، نحته النحات المصري تحتمس عام 1345 ق.م تقريبًا، للملكة نفرتيتي زوجة الفرعون المصري إخناتون وقد جعل هذا التمثال من نفرتيتي أحد أشهر نساء العالم القديم، ورمز من رموز الجمال الأنثوىّ.

وقد عثر عليه فريق تنقيب ألماني عن الآثار بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة بمصر «زي النهاردة» في 7 ديسمبر1912وصل التمثال إلى ألمانيا في عام 1913 حيث تم شحنه إلى برلين، وقُدّم إلى «هنري جيمس سيمون» تاجر الآثار وممول حفائر تل العمارنة بقي التمثال عند سيمون حتى أعار التمثال وغيره من القطع الأثرية التي عثر عليها في حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.

وعلى الرغم من عرض بقيةمجموعة تل العمارنة منذ1913، إلا أن تمثال نفرتيتي ظل في طي الكتمان بناء على طلب بورشاردت وفي 1918، ناقش المسؤولون عن المتحف مسألة عرض التمثال للجمهور،وظل التمثال دون عرض بناء على طلب بورشاردت وقدهب سيمون التمثال لمتحف برلين نهائيًافي1920 وأخيرًا في1923، تم عرض التمثال لأول مرة للجمهور بعد موافقة كتابية من بورشاردت في 1924عرض على الجمهور كجزء من المتحف المصري ببرلين نقل التمثال بعد ذلك ليعرض في متحف برلين الجديد حتى إغلاق المتحف في 1939، مع بداية الحرب العالمية الثانية عندئذ، أفرغت متاحف برلين، ونقلت الآثار إلى ملاجئ آمنة للحفاظ عليها.

في البداية، خبأ تمثال نفرتيتي في قبو البنك الحكومي البروسي، ثم نقل إلى أحد المواقع العسكرية الحصينة في برلين في خريف عام 1941 في عام 1943، تعرض متحف برلين الجديد للقصف من قبل طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني وفي 6 مارس 1945، نُقل التمثال إلى منجم ملح ألماني في ولاية تورنغن.

وفي مارس 1945، عثر الجيش الأمريكي على التمثال، وأرسل إلى فرع الآثار والفنون الجميلة والأرشيف التابع للجيش، ثم نقل إلى البنك المركزي الألماني في فرانكفورت. وبعد ذلك، في أغسطس، شحن إلى نقطة التجمع الأمريكية في فيسبادن، حيث تم عرضه للجمهور في عام 1946وفي 1956أعيد التمثال إلى برلين الغربيةحيث عرض في «متحف داهليم».

أصرت ألمانيا الشرقية في 1946على عودة تمثال نفرتيتي إلى جزيرة المتاحف في برلين الشرقية، حيث كان التمثال معروضًا قبل الحرب وفي1967نقل تمثال نفرتيتي إلى المتحف المصري في شارلوتنبورغ، وبقي هناك حتى عام 2005، عندما تم نقله إلى المتحف القديم عاد التمثال لمتحف برلين الجديد،عند إعادة افتتاح المتحف في أكتوبر 2009 وبلغت قيمة التأمين على تمثال الملكة نفرتيتي 390 مليون دولار أمريكي، أي نحو 300 مليون يورو.

وقد طالبت السلطات المصرية بعودة التمثال إلى مصر،منذ إزاحة الستار رسميًا عن التمثال في برلين في 1924 وفي 1925، هددت مصر بحظر التنقيب الألماني عن الآثار في مصر، إلا إذا أعيد تمثال نفرتيتي في 1929عرضت مصر مبادلة التمثال مقابل بعض الأعمال الفنية الأخرى، لكن ألمانيا رفضت.

في الخمسينات، حاولت مصر مرة أخرى بدء مفاوضات حول التمثال، ولكن دون استجابة من ألمانياعلى الرغم من معارضة ألمانيا الشديدة لعودة التمثال إلى مصر،إلا أنه في 1933، طالب هيرمان جورينجوزير سلاح الجو النازي بإعادة التمثال للملك فؤاد الأول كمبادرة سياسية وعارض هتلر الفكرة وقال للحكومةالمصرية، أنه سيبني متحفًا مصريًا جديدًا لنفرتيتي وحين أصبح التمثال تحت سيطرة الأمريكيين، طالبت مصر أمريكا بتسليمها التمثال، إلا أن أمريكا رفضت ونصحت مصر ببحث القضية مع السلطات الألمانية الجديدة.

وفي عام 1989، زار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تمثال نفرتيتي، وأعلن أنه «خير سفير لمصر» في برلين كما أعلن زاهي حواس الأمين العام المجلس الأعلى للآثار المصري، أن تمثال نفرتيتي ملك مصر، وأنه خرج من مصر بطريقة غير شرعية، وبالتالي ينبغي إعادته. وأن السلطات المصرية تعرضت للتضليل إزاء حيازة نفرتيتي عام 1912، كما طالب ألمانيا بإثبات صحة حيازتها للتمثال من الناحية القانونية.

وفي عام 2005، طالب حواس اليونسكو بالتدخل لإعادة التمثال وفي 2007هدد حواس بحظر معارض الآثار المصرية في ألمانيا، إذا لم تقرض ألمانيا تمثال نفرتيتي لمصر، ولكن دون جدوى. كما طالب حواس بمقاطعة عالمية لإقراض المتاحف الألمانية القطع الأثرية بادئً ما أسماه «الحرب العلمية» وطالب حواس ألمانيا بإعارة التمثال لمصر في عام 2012، عند افتتاح المتحف المصري الجديد بالقرب من أهرامات الجيزة.

وفي الوقت نفسه، انطلقت حملة بعنوان «رحلات نفرتيتي»، أطلقتها جمعيات تعاون ثقافي مقرها في هامبورج في ألمانيا، حيث قاموا بتوزيع بطاقات بريدية تحمل صورة تمثال نفرتيتي مع عبارة «العودة إلى المرسل»، وكتبوا رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة الألماني «بيرند نيومان»، تدعم إعارة التمثال إلى مصر في 2009، عندما عاد تمثال نفرتيتي لمتحف برلين الجديد، تجددت التساؤلات حول مدى ملاءمة برلين كموقع للتمثال.

حاول العديد من خبراء الفن الألمان دحض كل الادعاءات التي أدلى بها حواس حول خداع بورشاردت للسلطات المصريةعند الاتفاق على تقسيم الآثار، مستندين إلى وثيقة 1924 تحججت السلطات الألمانية بأن التمثال هش للغاية وقد يتهشم أثناء نقله، وبأن الحجج القانونية لإعادته غير صحيحة.

وفقًا للتايمز فإن ألمانيا تخشى عدم عودة التمثال،إذا أعير لمصر وفي ديسمبر 2009عرض فريدريك سيفريدمدير المتحف المصري في برلين على المصريين وثائق محفوظة لدى المتحف حول العثور على التمثال التي تتضمن البروتوكول الذي وقعه بورشاردت مع هيئة الآثار المصرية. في الوثائق، وصف التمثال بأنه تمثال جص ملون لأميرة. ولكن في مذكرات لودفيج بورشاردت، أشار بوضوح إلى أنه رأس نفرتيتي، وهو ما يثبت أن بورشاردت كتب هذا الوصف حتى تتمكن بلاده من الحصول على التمثال، وهو ما علق عليه حواس بأن هذه الوثائق تؤكد صحة إدعاء مصر بأن بورشاردت تصرف بشكل غير أخلاقي بقصد خداع.

صورة أرشيفية

إلا أن مدير المتحف علق بأن سلطة الموافقة على عودة التمثال إلى مصر تقع بين مركز التراث الثقافي البروسي ووزير الثقافة الألماني وتمثال نفرتيتي طوله 47 سم ويزن حوالي 20 كيلوجرام، وهو مصنوع من الحجر الجيري ملوّن بطبقة من الجص جانبا الوجه متماثلان تمامًا،وهو في حالة سليمة تقريبًا، ولكن العين اليسرى تفتقر إلى البطانة الموجودة في اليمنى بؤبؤ العين اليمنى من الكوارتز المطلي باللون الأسود والمثبت بشمع العسل، بينما خلفية العين من الحجر الجيري.

صورة أرشيفية

ترتدي نفرتيتي تاجًا أزرق مميز مع إكليل ذهبي، وعلى جبينها ثعبان كوبرا (وهو مكسور الآن)، بالإضافة إلى قلادة عريضة منقوشة بالزهورالأذنان أيضًا عانت من بعض الأضرار.