مرة أخرى .. «حماس وداعش»

جيهان فوزي الجمعة 04-12-2015 21:37

إذا صح ما نشرته صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية حول وصول شادى المنيعى الملقب ب «أبومصعب» وهو أحد قيادات تنظيم بيت المقدس الارهابى في سيناء، إلى غزة للقاء قيادات في «كتائب القسام» الجناح العسكرى لحركة حماس , بهدف زيادة التعاون العسكرى بين التنظيمين , فإن ذلك سيشكل أزمة كبيرة تضاف إلى الأزمات الطاحنة التي يعيشها قطاع غزة .


أشارت الصحيفة إلى أنه تم رصد مكالمات هاتفية بين المنيعى وقيادات في عز الدين القسام تناولت زيادة التعاون فيما بينهما، ملوحة إلى أن حماس تساعد داعش في مدها بالسلاح والعتاد عن طريق الأنفاق بين قطاع غزة وسيناء , وأن من بين الأسلحة المتطورة التي تم نقلها لداعش صواريخ مضادة للدبابات من نوع «كونرت» التي يتم بها استهداف دبابات الجيش المصرى في سيناء , ولايخفى على أحد بأن المنيعى ملاحق من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لتورطه في جرائم إرهابية في سيناء .
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها تقارير اسرائيلية لتعاون حماس مع تنظيم داعش سيناء، فعندما أسقط سلاح الجو الاسرائيلى الطائرة بدون طيار قبل نحو خمسة أشهر والتى كانت تستهدف التجسس على اسرائيل , ادعت اسرائيل حينها أن الطائرة لا تستهدف التجسس عليها وحدها , لكن على مصر أيضا , فعندما فحصت ركام الطائرة بعد اسقاطها وجدت صور تدل على أن جمع المعلومات الاستخباراتية لعمليات عسكرية لم يكن الهدف الوحيد لهذه الطائرات , فبعد الدراسة والتحليل تبين أن الطائرة المسيرة بالاضافة إلى رصدها للأحداث داخل اسرائيل تقوم أيضا بتصوير الحدود مع مصر !!.
ادعت اسرائيل بأن اسقاط الطائرة كشفت عن سر دفين هو مساعدة داعش! لكن هذا لا يعنى أن هدف حماس هو الهجوم المسلح ضد مصر، وإنما تتبع تحركات القوات ومواقع الجيش وانتشار قواته من أجل تمكين أعضاء جناحها العسكرى «كتائب عز الدين القسام» من الحفاظ على طرق التهريب مفتوحة بين سيناء وغزة , تلك الطرق حيوية لحماس على جانب من الحدود وداعش في سيناء على الجانب الآخر , وهذا واحد من أكثر أسرار الجناح العسكرى لحماس المحفوظة بعناية في الأشهر الأخيرة.. تعاون وثيق مع عناصر ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش ؟!.
تعاون حماس مع داعش هو نتاج التقاء مصالح وليس رؤية مشتركة أو عقيدة متقاربة، بدليل أن الجهود المكثفة التي تبذلها حماس ضد السلفيين التابعين لفكر داعش ونشأوا في قطاع غزة, ففى الوقت الذي يقوم فيه الجناح العسكرى لحماس بالتعاون مع إرهابيى سيناء , يقوم أعضاء الحركة بمحاربة خصومهم الايديولوجيين في غزة , أما مواقف حماس المتناقضة تجاه داعش والتى تتسم بالعداء لها داخل القطاع وبالتعاون الاستراتيجى في سيناء , فيعود إلى الدور المتنامى للجناح العسكرى في حماس خصوصا بعد الحرب الأخيرة على غزة , فالجهة التي تتخذ القرار داخل قيادة حماس في غزة مركبة , إذ شهد توازن القوى الداخلى في حماس تغييرا كبيرا في العقد الأخير حيث لا يوجد للجناح العسكرى للحركة شخصيات روحية أوسياسية مؤثرة مثلما كان في الماضى أمثال الشيخ أحمد ياسين , رغم أن هناك اعتقاد سائد بأن ل«محمد ضيف» سلطة سياسية على العناصر العسكرية مماثلة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الوزراء السابق اسماعيل هنية .
الحدود المشتركة بين غزة وسيناء تحمل أهمية استراتيجية لحماس في غزة وتنظيم داعش في سيناء سواء إقتصاديا أو أمنيا، فمسار التهريب بين قطاع غزة وسيناء يعطى كلا الجانبين إمدادات ثابتة من الأسلحة والقوات المقاتلة والمدربين والمستشارين , وتحقق أرباحا طائلة من صناعة التهريب في غزة , لذا فإن مصالح التنظيمين أجبرتهما على التعاون فيما بينهما للتمسك بجزء من قدراتهما على الأقل في تهريب الأسلحة والعناصر إلى قطاع غزة .
المصالح المشتركة ليست العامل الوحيد في هذا التقارب، هناك دور أساسى لأبناء القبائل البدوية على جانبى الحدود الذين ينتمون لهذين الاتجاهين , وأحد أبناء هذه القبائل هو شادى المنيعى وهو أكثر العناصر الإرهابية خطورة في سيناء , ومن هذا المنطلق ربما لا يستبعد وجوده في غزة , الأمر الذي يستوجب توضيحات موثقة بالدليل القاطع إن وجدت لدى حركة حماس حتى توقف حالة اللغط والتجاذب السياسى والاعلامى المستمرة والمتكررة , لا مجرد تصريحات باهتة للاستهلاك لا تقدم ولا تؤخر.