ذكرت فى مقالك «باسم يوسف من إيمى إلى قرطاج» عدد الأربعاء الماضى أن تقديم باسم يوسف لحفل جوائز مهرجان قرطاج للسينما العربية والأفريقية، كان فكرة رائعة أقدمت عليها إدارة مهرجان قرطاج، ولو كانت خطرت على بالك أو أى من فريق إدارة مهرجان القاهرة عندما توليت رئاسته العام الماضى، لما ترددت لحظة فى دعوته.
وأقول لك لو كنت دعوت باسم يوسف لتقديم حفل جوائز مهرجان القاهرة السينمائى العام الماضى، فأغلب الظن أنه كان سيعتذر ولن يحضر، لنفس السبب الذى جعله لا يحضر تشييع جنازة والده ودفنه وتلقى العزاء فيه.
لقد صدرت تعليمات عليا فى آخر لحظة - كما ذكرت فى مقالك - منعت إذاعة حفل جوائز مهرجان قرطاج على قناة «نايل سينما» كما كان مقرراً، وقلت إن الأمر لا يحتاج لأى قدر من الذكاء أو الجهد لإدراك أن السبب فى صدور هذه التعليمات أن باسم يوسف هو مذيع الحفل، وبذلك تأكد أن من يصدرون التعليمات العليا يعتبرونه «خطراً»، وأن إيقاف برنامجه الشهير «البرنامج» لم يكن لأى سبب سوى هذه الخطورة التى يرونها.
هذا الشعور أراه متبادلاً بين باسم ومن وصفتهم بأصحاب التعليمات العليا، هم يرونه خطراً، وفى المقابل لا شك يراهم هو كذلك خطراً، فالقلوب كما يقول المثل عند بعضها، لذلك اختار باسم أن ينتئى عنهم بعيداً ولا يقترب من متناول أيديهم، حتى لو لم يشهد وداع أبيه، فقد يكون الثمن باهظاً والعاقبة وخيمة.
لو علم أصحاب التعليمات العليا أى انطباع سيىء وأثر سلبى عنهم وعنا وعن نظامنا الجديد، يتركه فى العالم الحر تنقل شخص مثل باسم يوسف بين البلاد بعيداً عن وطنه، خائفاً من العودة إليه، لأصدروا من فورهم تعليماتهم العليا لكل الأجهزة بعدم التعرض له من قريب أو بعيد حال عودته، لو كانت هناك نية لذلك، ولنسقوا معه سبل تقديم برنامجه «البرنامج» من جديد، فالنظام القوى لا يخشى نقداً، بل يزداد به قوة، وكما ذكرت فى مقالك، لا يمكن أن يكون خطراً على النظام الذى ساهم برنامجه فى وجوده، إلا أن يكونوا كالدب الذى أراد أن يقبل صاحبه، فقتله.
د. يحيى نور الدين طراف