بلغ الناتج القومى الإجمالى لمصر 270 مليار دولار، بينما تنتج تركيا نحو 800 مليار دولار سنوياً.
ماذا يجب علينا أن نفعل لإضافة 530 مليار دولار إلى الناتج القومى، لنصل إلى الناتج التركى نفسه، خلال عام 2025.. وما حجم الزيادة المطلوبة فى جميع القطاعات؟
لدينا 5 قطاعات رئيسية، وهى الزراعة والبترول والصناعة والبنية التحتية (الطرق، الصرف الصحى، الكهرباء.. إلخ)، والخدمات، (السياحة، والمواصلات، والبنوك، والتعليم، والصحة.. إلخ).
وتُعتبر الزراعة من قطاعات الأمن القومى، إلا أنها لن تحقق الزيادة المطلوبة، فإذا نجحنا فى زراعة مليونى فدان، خلال 10 سنوات، وحقق كل فدان 30 ألف جنيه إيرادا سنويا (4000 دولار)، فذلك يعنى زيادة بقيمة 8 مليارات دولار فى الناتج القومى المستهدف، أى 2% من المستهدف تحقيقه.
القطاع الثانى هو البترول، فإذا طورنا حقل ظهر، وأنتج 2.7 مليار قدم مكعب يومياً، كما هو مستهدف عام 2019، فسوف يؤدى إلى زيادة 4 مليارات دولار سنوياً فى الناتج القومى (على أساس 4 دولارات سعر بيع المليون وحدة حرارية MMBTU، ما يعادل ألف قدم مكعب، وإذا أضفنا إنتاجية من آبار أخرى (ضعفى حقل ظهر)، فإن مجموع الإضافة من قطاع البترول يقدر بنحو 12 مليار دولار، ويحصل الشريك الأجنبى على جزء من هذا الناتج القومى، فيما تحصل الدولة على جزء من إيراداتها.
ولن أخوض فى تفاصيل البنية التحتية أو الخدمات، لأن تمويل مشاريع البنية التحتية عادة ما يعتمد على تمويل من الدولة أو غيرها، عن طريق ديون من البنوك، لذا يجب إعداد مشاريع بنية تحتية تساهم فى زيادة إيرادات الدولة، ويمكن عن طريقها تمويل مشاريع أخرى. وبالنسبة لقطاع الخدمات، نجد أن كثيرا من الدول بها قطاع خدمى كبير، لكنه مبنى على قطاع صناعى أو زراعى أو معدنى قوى، أو يحتاج تعليما جيدا، مثل قطاع البنوك أو تكنولوجيا المعلومات، ولذا فإن نمو قطاع التعليم من العوامل الأساسية لنمو هذه القطاعات، وعادة لا ينمو قطاع التعليم سوى بالإنفاق عليه، وهو أمر يعتمد على توافر إيرادات كافية لدى الدولة، لذا فمعظم القطاعات الخدمية تستهدف خدمة قطاعات رئيسية ولا تعمل وحدها.
ويبقى القطاع الصناعى، وهو الأساس الذى نهض من خلاله معظم الدول، مثل الصين وكوريا الجنوبية وألمانيا وماليزيا وفيتنام، وهذه الدول طورت اقتصادها بسرعة، وكان بها قطاع صناعى يمثل نحو 30% من إجمالى الزيادة فى الناتج القومى، خلال فترة النمو.
وإذا حسبنا حجم الزيادة فى الصناعة، لتغطية فارق الـ 530 مليار دولار بين الناتج القومى لمصر والناتج القومى لتركيا، فنحن نحتاج 160 مليار دولار زيادة فى الناتج الصناعى. وتشير التقارير الرسمية إلى أن إنتاجنا الصناعى يقدر بنحو 40 مليار دولار، ما يعنى أننا نريد إنشاء 4 أضعاف المصانع، خلال 10 سنوات، مقارنة بما أُنشئ، خلال الـ40 سنة الماضية.
تُرى ما مدى قدرتنا على تحقيق هذا الحلم.. أم أنه من رابع المستحيلات؟
بالطبع يمكننا تحقيق الحلم، عبر رؤية واضحة لقطاعات الصناعة الرئيسية، وتحديد هدف لكل منها، فالصين تقدم صناعة تقدر بنحو 3000 مليار دولار سنوياً، وكانت تُصنع بأقل من 3% من هذا الرقم، منذ 25 عاما، وكوريا الجنوبية تُصنع بنحو 370 مليار دولار سنوياً، وتحقيق 200 مليار دولار من الإنتاج الصناعى أمر ليس مستحيلا، فقط يحتاج خطة واضحة المعالم لتطوير الصناعة، وهدفا لكل قطاع، وكفاءات إدارية بجهاز الدولة، الذى يتضمن 11430 وكيل أول وزارة ووكيل وزارة ومديرا عاما، وهذا الفريق يحتاج تدريبا وتأهيلا وتقييما، وفقا لأهداف محددة، ونظرا لصعوبة تطوير قطاع الصناعة، لذلك هو يحتاج حكومة مرنة، تعرف حوافزنا، مقارنة بالدول المنافسة، ويحتاج سرعة اتخاذ القرار، ومعرفة حجم إيراد الدولة لكل استثمار على أرض مصر.
وعلى سبيل المثال، أنشأت الصين صناعة الإلكترونيات، وأصبحت تصدر بقيمة 571 مليار دولار سنوياً صناعة أساسية، ما أضاف لها الكثير مقارنة بالقطاعات الأخرى، وإذا فكرنا فى هذا الرقم فسوف نكتشف أنه يجب علينا فى مصر تحديد هدف لصناعة الإلكترونيات، وآخر للملابس الجاهزة، وثالث للبتروكيماويات، ورابع للمنتجات الغذائية، حتى نصل إلى تغطية الـ 160 مليار دولار المطلوبة فى الصناعة، لنحقق حجم الاقتصاد التركى نفسه إذا أردنا.