وماذا يفيد الإسلام من سجن إسلام بحيرى خمس سنوات، بتهمة ازدراء الأديان؟.. لا يزيد الإسلام شيئاً من سجنه، ولا ينقص الإسلام شيئاً من نقده لأئمة الإسلام، «إسلام» لم يجترئ على القرآن ولا على السنة المطهرة، ذهب فى منهجه النقدى إلى نقض ما ذهب إليه نفر من أئمة الإسلام فى تفسير السنة المطهرة، وإذا كان التفسير اجتهاداً بشرياً فإن النقض اجتهاد بشرى، لا الأول معصوم ولا الثانى معصوم، تقديس الأئمة ليس من الإسلام فى شىء.
لو كان سجن إسلام بحيرى يريح أفئدة نفر من الأزهريين الناقمين، وإذا كان سجنه يغبط بعض العامة المنزعجين من جرأته فى الطرقات، فإن سجنه باسم الإسلام لا يريح أبدا الحادبين على الإسلام من أن يعلق سجن «إسلام» بالإسلام، الإسلام يعلو عن صغائر القوم فى المحاكمات، والقرآن يسمو فوق كل هذا اللغو فى المرافعات، والسنة المطهرة تغتسل من إثم أن يسجن أحد على هامش منها، «إسلام» اجتهد وأخطأ وأصاب، فإن اجتهد وأصاب، فله أجران. وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد، هكذا علمنا رسول الإسلام- صلى الله عليه وسلم.
تهمة ازدراء الأديان تهمة مراوغة متلبسة تصدق على كثير، ويهتبلها كثير، اسأل «إسلام» عن القرآن، يحفظه بالتفاسير، اسأل «إسلام» عن السنة المطهرة، أعمل فيها فكره، فكر المسلم الذى يريدها بيضاء نقية لا شية فيها، تهمة «إسلام» الاجتراء على الأئمة، والأئمة فى عصورهم السالفة لم يضيقوا بنقد أو بنقض، والإمام الشافعى صك القاعدة الحاكمة: «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».
احترام الأئمة واجب، تقديس الأئمة ليس من الإسلام فى شىء، ومحاكمة «إسلام» لابد أن تلتزم العنوان الصحيح، لقد اجترأ على الأئمة فى عصره، هذا إذا كانت هذه جريمة، عنوان المحاكمة الحالية خاطئ تماماً، ازدراء الأديان، نعم «إسلام» كان قاسياً فى نقده، خشناً فى لفظه، متجاوزاً فى بعض الأحيان آداب الحديث عن الأئمة، مستخدماً أوصافاً ما كانت تصح، وكان أولى به أن يترفع عنها، لكنه لم يمس الإيمان، لم يجدف فى الأحكام، لم يمتهن القرآن، ولم ينكر السنة المطهرة، لم يزدرئ دين الإسلام وهو مسلم وموحد بالله.
أعلم أن «إسلام» حك أنف العامة، وأهاج مشاعر، وأقلق أفئدة، وشوّش عقولاً، ولكن الرد على «إسلام» فى مناظرات ومجادلات علمية كان أوفق وأصوب وأسلم للإسلام من أن تلصق بشريعته السمحاء مثل هذه المحاكمة التى لا تخدم ديناً نفخر به بين العالمين، حتى المناظرات التى جرت للأسف كان دينها وديدنها إدانة «إسلام» بين العامة، وإخراجه من الملة، وتكفيره بين المسلمين، كانت صراع ديوك ولم تكن أبداً لتجلية فكر أو فقه أو موقف، لكنها كانت مثل استجوابات النيابة تقدمه إلى المحاكمة بتهمة ازدراء الأديان.
أن يحاكم إسلام بتهمة ازدراء الأديان لا يفيد كثيراً، كفى ما لحق بالإسلام على أيدى المرجفين بالمدينة، لماذا تضيفون تهمة ازدراء الأديان لدين هو السماحة بعينها، أخطأ «إسلام»، نعم، ولكن الخطأ الأكبر أن يحاكم «إسلام» بتهمة تسىء للإسلام، لمصر، لبلد الأزهر الشريف، ومن ذا الذى يحاكم «إسلام»، من أبلغ عن «إسلام»، ومن يروم سجن «إسلام»؟.. أهم العامة فى الطرقات أم رجال الدين الذين نال من منعتهم «إسلام» عندما دخل بخشونة على أئمتهم الذين ينقلون عنهم؟..
«إسلام» فى التحليل الأخير نكش عش مدرسة النقل، أعمل فيما ينقلون العقل، ومدرسة العقل مرفوضة فى عصرنا، «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ» جملة مهجورة فى هذه الأيام، انحيازى للإسلام أكبر من انحيازى لـ«إسلام»، وانحيازى للحق أكبر من انحيازى لأفكار «إسلام»، أكره من إسلام الاجتراء، ولكنى أرفض أن يحاكم «إسلام» بتهمة ازدراء الأديان!!