خالد يوسف مخرج مع إيقاف التنفيذ!

طارق الشناوي الإثنين 30-11-2015 21:05

فى غضون سنوات قلائل، حقق خالد يوسف نجاحا استثنائيا على المستوى الجماهيرى، صار اسمه يتصدر الأفيش، بل كما قال لى الموزع السينمائى الراحل محمد حسن رمزى إن خالد يتمتع دون كل المخرجين بحق تحديد موعد عرض فيلمه تجاريا، وهو بالإضافة لكل ذلك الأعلى أجرا.

لدىّ العديد من الملاحظات أشرت إليها سلبا وإيجابا فى مقالات متعددة عن أفلام خالد يوسف- ليس الآن مجال الحديث عنها- لكن الواقع يقول إنه استطاع أن يحقق نجومية غير مسبوقة لم يحظَ بها سوى عدد قليل من الجيل الأسبق، على رأسهم أستاذه يوسف شاهين، هذه حقيقة، إلا أن القيمة الإبداعية لا تخضع دائما لترمومتر الشهرة هذه أيضا حقيقة.

ورغم ذلك، فإن الذى اكتسح الانتخابات مؤخرا فى كفرشكر ليس هو المخرج الشهير، بل الذى اعتلى قبل أيام موقع النائب البرلمانى هو المهندس المغمور ومع إيقاف التنفيذ، لأنه لم يمارس أبدا تخصصه فى الهندسة الإليكترونية! سوف تكتشف أن كل الدعاية الانتخابية كانت تشير فقط للمهندس خالد وأهالى كفرشكر كانوا يمنحون أصواتهم للمهندس خالد، وهو ومع سبق الإصرار كان يتعمد أن يخفى عن الأنظار أنه المخرج خالد، لقد توقف عن ممارسة الإخراج أكثر من خمس سنوات حتى قبل ثورة 25 يناير، علاقته بممارسة الفن باتت مقصورة فقط على أخبار تنشر هنا وهناك عن استعداده لأول مره لتصوير مسلسل وفيلم فى نفس الوقت عن رواية د. يوسف إدريس «سره الباتع»، وبالطبع لا يزال الخبر خبرا، وأظنه فى القادم من الأيام لن يتجاوز صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية.

أتذكر أن أحد المخرجين الكارهين لخالد وللسينما التى يقدمها علق ساخرا «البرلمان هو الاختيار الصحيح، ماله والسينما من حقه أن يدخل البرلمان، ولكنه ليس من حقه دخول البلاتوه، هل اكتشف خالد بعد أن وصل للخمسين من عمره أن مكانه الصحيح هو مجلس الشعب؟ أظن أن هذا الرأى محمل بالكثير من الغيرة والعداء الذى نراه فى أحيان كثيرة بين أبناء «الكار» الواحد.

من المؤكد أن خالد سيصول ويجول تحت القبة، وسوف يسرق الكاميرا من الآخرين، وأيضا فإن الإعلام الذى يلهث بطبعه خلف النجوم سوف يرصد كلماته وآرائه، ولكن هل هذا هو دور الفنان، وهل أفكاره تحت قبة البرلمان ستحمل رسائل أهم من أفلامه.

عدد من السينمائيين والفنانين يرون أن خالد سيصبح صوتا لهم فى ظل توجه واضح نحو تقليص سقف الحرية، يتم تصدير خطاب أخلاقى مباشر للأسرة المصرية ترى أن مصادرة عدد من الأعمال الفنية هو الطريق الوحيد للحفاظ على القيم والمبادئ التى يتم إهدارها على الشاشة.

تحت قبة البرلمان، سيصبح خالد صوت نشاز وسيضيع فى الزحام وفى النهاية الأغلبية فى المجلس ستنتصر لفرض مزيد من القيود، لأنها ببساطة تعبر فى جزء كبير منها عن قناعات السلطة السياسية، لا أتصور أن النائب خالد يوسف سيحقق شيئا للقبيلة الفنية التى ينتمى إليها ولا للطامعين للحرية بين المصريين، ولكنه فقط سيظل فى البؤرة الخبر والمانشيت، سينتقل من صفحات الفن إلى الصفحة الأولى ليصبح المانشيت الرئيسى فى الجريدة والفضائيات.

ما هو الدور الذى سوف يلعبه بالضبط فى المرحلة القادمة؟ سيشاغب فى الهامش المسموح، بينما الفن كان يسمح له بمساحات أرحب، هل من الممكن أن نجد معادلا سياسيا فى البرلمان لأفلامه التى كثيرا ما اصطدمت بالرقابة بسبب جرأتها مثل «الريس عمر حرب» و«هى فوضى» الذى اشترك مع يوسف شاهين فى إخراجه أو «حين ميسرة»، أفلام خالد تحديدا فى ظل القيود الرقابية، وطبقا للمواصفات التى تراها الدولة للفن الذى يدعو، ويحض على الفضيلة ومكارم الأخلاق، ستصبح هى النموذج الذى ينبغى أن يتم اجتنابه، فهى فى عرف الدولة أفلام قليلة الأدب.

هل ينجح خالد تحت قبة البرلمان فى تحقيق أحلام الحرية التى بشر بها فى عدد من أفلامه؟ مع الأسف سوف يهدر طاقته، كان قبل دخوله دُنيا الفن مهندسا مع إيقاف التنفيذ، فأصبح بعد دخوله المجلس مخرجا مع إيقاف التنفيذ.

tarekelshinnawi@yahoo.com