كيف ترى مصر أولوياتها الأمنية؟! من خلال النظرة السريعة لحال الوطن والمواطن تجد أمامك من يبث القلق فى العقول.. ويعمل أحياناً كثيرة على بث الإحباط فى النفوس، لتتحول الصورة إلى حالة رمادية تزيد من روح التذمر، وتراكم اليأس، وتمهد لضياع الأمل.. قطعاً هى الحرب الأخطر والأصعب لأنها للأسف من نوع جديد.
فنحن نتعرض فى نفس الوقت إلى عدد من الضغوط... ولكن هناك معنا وبيننا من هم صامدون... وبإصرار نجتهد... فنواجهه قدر الإمكان لندير الدفة بعيداً عن سيادة مصر واستقلال أرضها، نبادر ونمتص الصدمة، بالنفس الطويل.. قليل من الصبر وكثير من الإيمان.. والثقة بين الشعب والقيادة.. حتى لا نتهاون فى مصير الوطن، نعم فضياع البوصلة من ضمن أهداف وأساليب الحرب النفسية الحديثة التى نعيشها هذه الأيام من قبل عدد من الأطراف التى تدور من حولنا.
■ هناك غرائب وعجائب كل يوم نواجهها منذ سقوط الطائرة الروسية التى أطلقت العنان للتصريحات والتدخلات، وفتح الباب الشرعى للدخول أكثر بتبجح لانتهاك أراض عربية (سوريا).. خاصة بعد أن وجدت روسيا نفسها ضحية عملية إرهابية، لم يعد هناك دعم بشار أو وحدة سوريا.. وهكذا فرنسا، فمن خلال التصريحات نجد فجأة التوافق والتنسيق بينهما، وانضمت لهما أصوات أمريكا وإنجلترا!!
ربما فرنسا بالذات فى العملية الإرهابية تدفع الثمن لمواقفها المتميزة والمختلفة، فهى أول من رفعت الصوت لدعم دولة فلسطينية مستقلة، وربما أيضا لأنها تقدمت بعدد من الصفقات العسكرية المهمة تضمنت أسلحة جوية وبحرية لمصر، بالإضافة إلى مواقف سياسية أخرى متكررة وواضحة.. كما أنها تدعم بصوت مسموع أمن الخليج سياسيا وعسكريا. الأهم رفض استمرار الأسد.. الذى يحتضن على أرضه أهم وأكبر معارضة إيرانية وهى منظمة مجاهدى خلق... هذا جانب آخر مهم.
ولكن اسمحوا لى أن أظهر الجانب الأهم والأعظم وهو أن تنظيم دولة داعش الإرهابية، الذى ينتشر بقوة فى الأراضى السورية، لم يواجه إسرائيل يوماً بعملية واحدة وهى على حدوده.. ونفس الأمر داعش الذى فى العراق وعلى حدود إيران لم يهدد يوماً الأراضى الفارسية...؟! ولم نجد حتى أنه يهدد بشكل أو آخر هذا النظام الإيرانى، الذى يقول عنه إنه المتطرف الشيعى، وهو ما يسمى دولة التطرّف السنى الداعشى؟! الغريب أن دول الاعتدال الحاضنة لكل الأديان والمذاهب هى من تدفع الثمن بين تطرف هذه المذاهب السياسية الإرهابية، إذاً الموضوع ليس مذهبيا أو دينيا، ولكن مجرد اتخاذ الدين إحدى الأدوات، حتى يبرر الظهور السريع من الجانب الآخر إلى الدولة اليهودية!!
فهل نبحث عن وطن بديل أم ننتقد ونسخر؟! أم من الواجب أن نقف ونصمد ونتابع وندافع بكل ما نملك لنحمى وطناً؟
■ نجد من يتفلسف، داعش أولاً أم بشار؟ الحقيقة سوريا، وشعبها الذى ينزف ويسقط ويلجأ إلى خارج الحدود هو الأهم، وهو الهم الأكبر والأخطر على استقرار المنطقة، وتهدد هذه المأساة اليوم الآخرين، من تفجيرات المساجد والساحات فى الكويت والسعودية، إلى الطائرة الروسية فوق مصر، والآن فرنسا، وخرجت عن الحدود والتوقعات، والآتى قد يكون أعظم فى الأيام القادمة. فلا يمكن القضاء على الإرهاب قبل إيقاف هذه المهزلة الإنسانية.. فهناك نظام يتلاشى بعد أن فشل فى إدارة الأزمة طوال أكثر من أربع سنوات.. وتدخلت إيران بحزب الله وبالحرس الثورى.. ودخلت روسيا، ولكن تفاقم الوضع أكثر، وتحكموا فى القرار السورى وفق مصالحهم.. وتمكن الإرهاب وفشل الجميع فى إعادة أكثر من اثنى عشر مليون سورى إلى وطنهم بدلاً من البحث عن ملاجئ لهم فى أوروبا؟ فهناك أيضا المستفيد من ضعف بشار لضمان أمن إسرائيل طوال السنين الماضية والقادمة.. وتمدد لإيران فى سوريا.. ومكتسبات لروسيا على مياه المتوسط.. كلهم مستفيدون والشعب وحده هو من بدفع الثمن أو يموت وحده على الحدود.
علينا قطع الطريق على الجميع والعمل على تنفيذ خطة سريعة.. لا مجال لكسب الوقت والتراخى فى الحل، نبحث عن مبادرة مصرية دبلوماسية خشنة، خطوات تصعيدية استباقية تحمينا من أن نكون من ضمن الثمن لتقسيم الكعكة! فهناك من يخطط لإسقاط الدولة الصامدة، وتعتبر الوحيدة التى وقفت، جيشاً وشعباً، ضد تسلط الإخوان والاختراق والفوضى، وتحارب الإرهاب وحدها وبدون التدخلات الخارجية.. فحماية الوطن تأتى بالاستقرار النقدى والاقتصادى لأنه الدافع الأهم بعد ضرب عمود السياحة، الذى يمنع علينا التدفق للعملة الصعبة وللاستثمار.. إلخ.
أرجوكم الحفاظ على الوطن فى هذه المنطقة أصبح معجزة، يحتاج إلى أساتذة بجانب كل معلم وليس لمجموعة من الهواة، انتهاك الأرض يؤكد لا عزاء لمن أضاع وطناً.. ولا استعادة للسيادة والقرار.
gailne.gabr @yahoo.Com