أطفال العرب.. وقنابل الغرب

عبد الناصر سلامة الأحد 29-11-2015 22:04

يومياً نشاهد صور أطفال سوريا قتلى، تحت الأنقاض، بفعل السلاح الروسى، أو حتى التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة بمشاركة عربية، يومياً نشاهد أطفال العراق قتلى، بفعل السلاح الأمريكى تارة، والإيرانى تارة أخرى، والعراقى العراقى تارة ثالثة، أطفال فلسطين كانوا البداية، طوال الوقت كانوا هدفاً لقوات الاحتلال، الغريب هو الصمت الدولى، والسؤال هو: لماذا كان الأطفال حالة مشتركة فى العدوان على العرب بصفة عامة.

ما هو دخل الأطفال فى أى حرب دائرة، حتى يتم استهدافهم بهذا الشكل، لو أمعنّا النظر جيداً سوف نجد أن الأمر يتعلق بالأطفال العرب تحديداً، الإرهاب لم يستهدف الأطفال فى فرنسا، كما لم يستهدف الأطفال من قبل فى أحداث مركز التجارة العالمى بنيويورك، كما لم يستهدف الأطفال فى أحداث مسرح موسكو الشهير، إلا أن الأمر حينما يتعلق بالعرب، نجد الأطفال هدفاً أصيلاً، يبدو أن فتاوى الغرب تُبيح ذلك، أصبح الأمر حالة عربية منذ قصف إسرائيل لمدرسة بحر البقر بمصر فى ستينيات القرن الماضى، وحتى القصف الروسى والفرنسى على المدن السورية، وما بينهما من أحداث جِسام، بدءاً بأطفال وتلاميذ غزة والضفة فى فلسطين المحتلة، مروراً بلبنان، وحتى سوريا والعراق.

لو أن أى عمل إرهابى استهدف طفلاً فى أى مكان بالعالم بخلاف أطفال العرب، سوف تقوم الدنيا ولا تقعد، إلا أن الأمر حينما يتعلق بقتل أطفال عرب، لا تنتفض حتى منظمة اليونيسيف، لا يطلب أحد اجتماعاً عاجلاً للأمم المتحدة، بل الأدهى من ذلك أن أحداً لا يطلب اجتماعاً عربياً، ربما لأن لدينا من الأطفال الكثير، لا مشكلة فى ذلك، ربما كان الاعتذار دائماً عن قتل الأطفال بأنهم لم يكونوا الهدف، الكبار كانوا الهدف، وكأن القصف فى حد ذاته أصبح عملاً مشروعاً.

هى كارثة بكل المقاييس، الدماء العربية هانت علينا إلى هذا الحد، حتى دماء الأطفال لم تعد تثير فينا النخوة ولا الكرامة، مادام الأمر يتعلق بصواريخ دولة صديقة أطفالنا فداء لها، وربما نساؤنا أيضاً، ولم لا، مادام الحدث أصبح يومياً، اعتدناه كما احتلال الأرض تماماً، أصبحنا معملاً لتجارب السلاح، كما بِتنا مسرحاً لتصفية حسابات الآخرين، نتوقع بين الحين والآخر ما هو أسوأ، دون أى فعل على أرض الواقع يعمل على حماية الأطفال، بعد انتهاك الأرض والعِرض.

ما الذى يمنع القصف الفرنسى أو الروسى أو الأمريكى من استهداف مدرسة عربية بصفة يومية، ما الذى يمنع هذه الطائرات أو تلك من قصف المدنيين العرب على مدار الساعة، ما الذى يمنع هؤلاء وأولئك من احتلال هذه الدولة أو تلك بدعوى مواجهة الإرهاب، على العكس تماماً، فقد ساهمنا فى ذلك بمنح هؤلاء وأولئك قواعد عسكرية لانطلاق الطائرات والصواريخ، بل ساهمنا فى ذلك بدعمهم لوجستياً من كل الجوانب، بل شاركنا فى القصف أحياناً، هو العار العربى فى أبشع صوره، فى غياب قادة حقيقيين ينتفضون لدماء وأرواح أبناء جلدتهم.

سوف تظل صور الأطفال القتلى والجرحى والمُشرَّدين القادمة من سوريا والعراق على السواء، شاهداً على همجية الغرب المتحضر، كما هى فى نفس الوقت شاهداً على الانبطاح العربى، أمام كراسى الحكم الزائلة، سوف يظل العار يلطخ هؤلاء وأولئك أبد الدهر، بالتأكيد القصف الفرنسى كما الروسى كما الأمريكى فى المكان الخطأ، وإلا لما زادت وتيرة الإرهاب، وبالتأكيد المواقف العربية مما يجرى هى الخطأ بعينه، وإلا لما استمرت أنظمة الحكم هشّة بهذا الشكل المُزرى.

الأمر إذن يحتاج إلى إعادة نظر من الجانبين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

abdelnasser517@gmail.com