برلمان مجيدة

عبد الناصر سلامة الجمعة 27-11-2015 21:10

بالتأكيد برلمان 2015 بتشكيلته الماثلة للعيان، منذ قبل إجراء الانتخابات، هو أكثر تعبيراً من أى شىء آخر عن المرحلة التى نعيشها حالياً، مرحلة البلياتشو على أقل تقدير، وإن شئت قُل مرحلة الغيبوبة، شىء أفضل من لا شىء، حاجة والسلام، ذَر الرماد فى العيون، استكمال المشهد المؤلم، وإن كان فى حقيقته درامياً، تماما كعمارات الإسكندرية التى أُنشئت فى ظل الغياب الأمنى، العمارات المهلهلة، ربما تتناثرها الرياح، وربما تهوى بها الأمطار، ليست فى حاجة إلى أى زلزال من أى ريختر.

هكذا هو ثانى برلمان فى مصر بعد مجيدة، ربما هو البرلمان الأول، لأن برلمان مجيدة الأصلى لم يستمر، أطلقنا عليها ثورة، رغم أنها عادت بالبلاد عشرين عاما إلى الوراء، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وأخلاقيا، سوف نحتاج إلى وقت طويل لتلافى آثارها، لم تكن خمس سنوات كافية، وها هو التدهور مستمر، البرلمان الجديد يؤكد ذلك، نوعية المرشحين والمتأهلين، طريقة الانتخابات، نسبة التصويت، نوعية الاتهامات المتبادلة بين اللواء والمستشارة، تصريحات الأعضاء قبل وبعد انتخابهم، ما هو منتظر من إقرار تلال من القوانين، كيف يرى المواطن ذلك البرلمان، دور المال فى تكوينه.

وفى ظل هذه الظروف مجتمعة، أعتقد أن الذين كانوا يعترضون على ترشيح أعضاء الحزب الوطنى السابقين، عليهم الآن الاعتذار، وذلك لأن هذه النوعية من المرشحين هى التى اكتسحت، هى التى أعطت زخما بعض الشىء للعملية الانتخابية من جهة، وفى الوقت نفسه حفظت ماء وجه المنظومة السياسية ككل، بتطعيم التركيبة البرلمانية بوجوه ربما هى الأفضل والأقدر والأكفأ، شكلاً وموضوعًا من تلك التى أفرزتها أحداث سنوات الغوغاء، أو سنوات المسخ، كتركيبة البرلمان تماما.

مَن الحكومة فى البرلمان، ومَن المعارضة، مَن الحزبيون، ومَن المستقلون، ومتى سوف تُذاع سيديهات هؤلاء وأولئك، اتفاق عام فى الشارع حول أننا أمام فنكوش إضافى، واختلاف حول موعد الفركشة، البعض يراها شهوراً، والبعض الآخر يراها أكثر بقليل، إلا أن أحدا لا يرى فيه طول العمر، على الرغم من دعم طوال العمر للمرحلة بكل ما تحمل من مآسٍ.

بالتأكيد هناك تمثيل جيد فى المجلس لمرحلة مجيدة، وهناك تمثيل أكثر لمرحلة عظيمة، فى الوسط يقف بينهما المستقلون من أعضاء الحزب الوطنى ومن غيره، هم يمثلون أكثرية فى أغلب الأحيان، هى رسالة إذن للمهتمين وصناع القرار، الشعب المصرى لا مجيدة، ولا عظيمة، الشعب لُدغ من جُحر مرتين، ما هكذا المؤمن، ولا هكذا الكيّس الفطن، الأحزاب التقليدية تهاوت خلف أموال الانتخابات، ربما خلف المتقاعدين إياهم، الذين يبدأون الحياة من جديد، يتدربون على العمل السياسى، كأننا فى رفاهية من أمرنا، لذا نخشى أن يكون التصفيق سيد الموقف.

الممارسة البرلمانية فى مصر أيها السادة تعود إلى عام 1866، هى من أقدم الديمقراطيات على الإطلاق، لو تتبعنا أسماء مَن جلسوا فى ذلك البهو الفرعونى، من رؤساء مجالس، ووكلاء، ورؤساء لجان، وأعضاء، لو تتبعنا سيرتهم، وخبراتهم القانونية والتشريعية، وغيرها من مختلف المجالات، لو عقدنا مقارنات، لأيقنَّا أننا الآن أمام مهزلة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، مهزلة جاءت بها القوائم، وجاءت بها الكوتة، وجاء بها بقايا أتباع مجيدة، والمتحذلقين من دراويش عظيمة، وللأسف ارتكزوا فى ذلك على دستور حُسن النية، الذى مات قبل أن يُولد، فأنجب ذلك البرلمان.

أصبحنا للأسف أمام أمر واقع مُشين، شاء المواطن أم أبى، شارك أم لم يشارك، بعض الأغبياء يَرَوْن أن اكتمال المؤسسات هو الأهم، بغض النظر عن الكيفية، وبعض الخبثاء سعداء باعتباره استكمالا لحالة الهراء العام، تعجيلاً بالانهيار، وبين هؤلاء وأولئك يظل المواطن هو الضحية، يسدد فواتير الفقر والقهر نيابة عنهم جميعا.

(السمك للتماسيح والفول للمصريين)

هاتفنى الدكتور محمود عمارة من الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن الدراسة التى أشرنا إليها، بالأمس، تحت عنوان: (السمك للتماسيح والفول للمصريين)، هى من إعداده، وهى ضمن عدد كبير من الدراسات التى أنجزها ونشرها حول مختلف قضايا الزراعة، والمياه، والأسماك، إلى غير ذلك من كثير من الأمور المتعلقة بالتنمية، وإصلاح بنية المجتمع اقتصادياً، وهى الملفات التى تخصص فيها نتيجة خبرة سنوات طويلة من العمل الجاد والشاق بالولايات المتحدة وغيرها.