تحليل شامل للجولة الأولى من المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية (1)

ضياء رشوان الخميس 26-11-2015 21:28

مرة أخرى وبعد انتهاء الجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب، والإعلان الرسمى للنتائج من جانب اللجنة العليا للانتخابات، تأتى المؤشرات المختلفة لهذه الجولة لكى تؤكد من جديد ما سبق أن حللناه من ملامح لجولتى المرحلة الأولى.

■ أولاً: المرشحون للفردى والقوائم

بلغ عدد المرشحين للمقاعد الفردية البالغ عددها 222 مقعداً موزعة على 102 دائرة 2893 مرشحاً، مما يعنى أن معدل المنافسة على المقعد الواحد فى المرحلة الثانية قد بلغ 13 مرشحاً تقريباً للمقعد الواحد مقابل 11.3 مرشح فى المرحلة الأولى، مما يعنى أن التنافس بين المرشحين كان أكثر شدة فى المرحلة الثانية عنه فى الأولى. وقد بلغ عدد المقاعد المخصصة للقوائم 60 مقعداً منها 45 لدائرة القاهرة وجنوب ووسط الدلتا و15 لدائرة شرق الدلتا، وترشحت على مقاعد الدائرة الأولى 4 قوائم، بينما ترشحت على مقاعد الدائرة الثانية قائمة واحدة فقط هى قائمة «فى حب مصر» والتى فازت فيها بالتزكية. وبذلك بلغ عدد مرشحى القوائم المتنافسة فى الدائرة الأولى 180 مرشحاً بمعدل تنافس 4 مرشحين على المقعد الواحد.

ويبدو من هذه المرحلة أيضاً ما ظهر فى المرحلة الأولى من أنه بالرغم من أن عدد المقاعد المخصصة للانتخابات الفردية قد زاد على أربع مرات عن المقاعد المخصصة للقوائم، فإن معدل المنافسة على المقاعد الفردية زاد أكثر من ثلاث مرات عن معدل المنافسة على مقاعد القوائم. وبذلك يظل التفسير الذى قدمناه لنفس الظاهرة فى المرحلة الأولى قائماً وصحيحاً وهو يتمثل فى عاملين: الأول، عدم قدرة أى من الأحزاب والقوى السياسية منفرداً بتشكيل قوائم خاصة به نظراً لضعفها، وهو ما فتح الباب للعامل الثانى وهو اضطرار هذه القوى والأحزاب للدخول فى مفاوضات شاقة ومضطربة لتشكيل قوائم مشتركة، وهو الأمر الذى فشل فى عدد كبير من الحالات مما أفضى إلى قلة عدد القوائم المتنافسة. وقد أدى هذان العاملان، بالإضافة إلى كثرة عدد المقاعد الفردية بالمقارنة بما هو مخصص للقوائم، إلى زيادة معدل المنافسة على الأولى أكثر من الثانية.

■ ثانياً: نسبة التصويت

بلغ عدد الناخبين المدعوين للتصويت فى المرحلة الثانية 28.204.225 ناخباً، حضر منهم 8.412.011 ناخباً بنسبة مشاركة 29.83%، مقابل نسبة مشاركة 26.56% فى الجولة الأولى للمرحلة الأولى. وربما يمكن إرجاع هذه الزيادة فى نسبة المشاركة ما بين المرحلتين إلى عاملين رئيسيين وثالث أقل تأثيراً فى هذه الزيادة. يتمثل العامل الأول فيما سبق ذكره من زيادة متوسط عدد المرشحين للمقعد الفردى الواحد، مما أضاف إلى المصوتين المشاركين أنصار هؤلاء المرشحين، بينما يتمثل العامل الثانى فى الإقبال التقليدى من محافظات الدلتا على التصويت بالمقارنة مع محافظات الصعيد الأقل إقبالاً والتى مثلت غالبية محافظات المرحلة الأولى. وأما العامل الثالث الأقل تأثيراً، فهو ما بدا ملحوظاً من غالبية متابعى الانتخابات من أن تدفق المال السياسى فى المرحلة الثانية كان أكبر بكثير من تدفقه فى المرحلة الأولى، وهو ما شكل حافزاً لبعض الفئات للإقبال على التصويت فى المرحلة الثانية. وقد لعب انخفاض التصويت فى القاهرة إلى 19.96%، من المقيدين بها وهم الأكثر عدداً من كافة محافظات الجمهورية بإجمالى يزيد على 7 ملايين ناخب، دوراً مهماً فى وصول المشاركة إلى 29.83%، فبدون القاهرة تبلغ نسبة التصويت على مستوى محافظات المرحلة الثانية كلها نحو 33.2%.

■ ثالثاً: الأصوات الباطلة

بلغ عدد الأصوات الصحيحة 7 ملايين و839 ألفا و611 صوتا، بنسبة 93.20%، وبذلك تكون نسبة الأصوات الباطلة فى الانتخابات الفردية 6.8%، وهى أقل من نسبتها فى الجولة الأولى من المرحلة الأولى والتى وصلت إلى نسبة غير مسبوقة فى تاريخ الانتخابات البرلمانية المصرية منذ ثورة 23 يوليو 1952، حيث وصلت إلى9.53% من الحاضرين. ويمكن تفسير تراجع نسبة الأصوات الباطلة فى المرحلة الثانية إلى عاملين: الأول يتعلق بارتفاع نسبة التعليم فى محافظات المرحلة الثانية عنها فى الأولى وبخاصة أنها تضم فيها بينها محافظة القاهرة، والثانى هو وجود وقت كاف لدى ناخبى المرحلة الثانية قبل التصويت مكنهم من التعرف على مرشحى دوائرهم وأسمائهم فى بطاقة الانتخاب، مما قلل من أخطاء التصويت، وهو الأمر الذى لم يكن متاحاً لناخبى المرحلة الأولى.

أما بالنسبة للقوائم، ففى دائرة القاهرة وجنوب ووسط الدلتا لم تزد نسبة الأصوات الباطلة كثيراً عن نظيرتها فى انتخابات المقاعد الفردية، حيث وصلت إلى 7.73%، وفازت قائمة «فى حب مصر» بنسبة 68% تقريباً. أما فى دائرة شرق الدلتا، حيث جرى التصويت على قائمة «فى حب مصر» وحدها، فقد زادت نسبة الأصوات الباطلة لتصل إلى 18.4% من الحاضرين للتصويت، بينما رفض القائمة نحو 10% من الأصوات الصحيحة، وفازت القائمة بنسبة 87.7% من الأصوات الصحيحة. وإذا تم جمع الأصوات الباطلة فى هذه الدائرة على الأصوات الرافضة لقائمة «فى حب مصر» يصل عددها لنحو 600 ألف صوت بنسبة تقارب 29% من إجمالى المصوتين، وهذا على الرغم من أنها القائمة الوحيدة المرشحة فى تلك الدائرة، مما يمكن اعتبار تلك النسبة المجمعة رفضاً انتخابياً وسياسياً لهذه القائمة.

■ رابعاً: استمرار تقدم الأحزاب الواضح وتراجع المستقلين الكبير

تأكد فى هذه الجولة الأولى من المرحلة الثانية للانتخابات ما سبق وأكدته نتائج المرحلة الأولى من استمرار تقدم الأحزاب السياسية بصورة ملفتة.

وتؤكد الأرقام الواردة من البيانات الرسمية للجنة العليا للانتخابات أن واقع تواجد الأحزاب فى الترشيحات للمقاعد الفردية ظل يسير خلال مرحلتى الانتخاب بعكس الانطباع السائد بعدم مشاركتها فيها بصورة غير مسبوقة فى الانتخابات التشريعية المصرية. فالعدد الإجمالى للمرشحين فى المرحلة الثانية للمقاعد الفردية بلغ 2893 مرشحاً منهم 918 ينتمون للأحزاب السياسية، أى بنسبة بلغت 31.7% من إجمالى هؤلاء المترشحين. ومن ثم بلغ عدد المرشحين المستقلين لهذه المقاعد الفردية 1975 مترشحاً بنسبة 69.3% من إجمالى المترشحين. كما بلغ إجمالى عدد مرشحى الأحزاب فى المرحلتين 1801 مرشح من بين 5441 مرشحاً منهم 3640 مرشحاً مستقلاً، أى أن النسبة الإجمالية لمرشحى الأحزاب فى المرحلتين بلغت 33.1%.

وتوضح الأرقام بالنسبة للمرحلة الأ؟ولى أن الأحزاب الجديدة التى نشأت بعد ثورتى يناير ويونيو قد احتلت الغالبية العظمى من المترشحين عنها للمقاعد الفردية، وأتى حزب الوفد الجديد كاستثناء وحيد من بين أحزاب ما قبل ثورة يناير فى المرتبة الرابعة بالمرحلة الأولى بعدد 77 مرشحاً يمثلون نحو 8.7% من إجمالى عدد مرشحى الأحزاب السياسية للمقاعد الفردية، بينما جاء فى المرتبة الثانية فى المرحلة الثانية بعدد 110 مرشحين بنسبة 12% تقريباً من إجمالى عدد مرشحى الأحزاب فيها. وظلت نفس الأحزاب الثلاثة الأكثر ترشيحاً فى المرحلة الأولى هى نفسها فى المرحلة الثانية، وهى حزب المصريين الأحرار بعدد 111 مرشحاً يمثلون نسبة 12% من مرشحى كافة الأحزاب ويليه حزب مستقبل وطن بعدد 89 مرشحاً بنسبة 9.7% ثم حزب النور بعدد 73 مرشحاً بنسبة 8% تقريباً من إجمالى مرشحى الأحزاب.

أما توزيع مرشحى الأحزاب على محافظات المرحلة الثانية الثلاث عشرة فيبدو من الأرقام أن أكثر المحافظات ترشيحاً للأحزاب على المقاعد الفردية بالقياس إلى العدد الإجمالى للمتنافسين عليها هى محافظة جنوب سيناء بنسبة 42.5%، ثم المنوفية بنسبة 38.7%، وتتلوها محافظة كفر الشيخ بنسبة 37.7%. وفيما عدا شمال سيناء التى بلغت فيها نسبة مرشحى الأحزاب أقل من 20% من إجمالى المرشحين بها، ويبدو هذا مرتبطاً بأوضاعها الأمنية المتوترة ومعدلات العنف العالية فيها، فإن نسب ترشيح الأحزاب فى محافظات المرحلة الثانية تبدو متقاربة بينها جميعاً، ولا توجد فوارق دالة فيما بينها.

diaarashwan@gmail.com