وضعت ماليزيا عام 2009 خطة للنهوض بالاقتصاد من بينها 200 مشروع قومى لجذب 440 مليار دولار من الاستثمارات وخلق 3 ملايين فرصة عمل جديدة والوصول بماليزيا عام 2020 إلى مصاف الدول المتقدمة بناتج قومى يساوى 15 ألف دولار سنوياً للفرد. ووضعت ماليزيا منظومة للمتابعة يمكن لمصر أن تكررها فى تنفيذ ومتابعة أكبر المشاريع القومية حيث أقامت ماليزيا جهاز «البيمندو» Pemandu ويتبع رئيس الجمهورية مباشرة ويشرف على متابعة أكبر 200 مشروع قومى هناك.
وعملت ماليزيا على مواجهة أكبر مشكلة تواجه عادة الدول وهى أنها تضع خططا مستقبلة ولكن لا ينفذها الموظفون، وهذا يرجع لسببين أساسيين أولهما البطء فى التواصل بين الوزارات المختلفة- لهذا أقامت ماليزيا جهاز البيمندو ويضم 150 فردا من أحسن الكفاءات الإدارية فى ماليزيا ومنهم العضو التنفيذى لشركة أنتل الذى استقال بعد 20 عاما فهم يرون أن الكفاءة الإدارية أساس النجاح والقدرة على تنفيذ أى خطة.
وضع البيمندو لكل مشروع مجموعة من الأهداف مع وضع مؤشرات لقياس مدى نجاح التنفيذ ويتم متابعة التنفيذ أسبوعياً وشهرياً وسنوياً بتقارير مختلفة.
وكان من بين مشاريع البيمندو وضع خطة لجذب 100 شركة عالمية لكى يكون المقر الرئيسى لهم فى المنطقة فى كوالالمبور، وبناء عليه تم تأسيس شركة متخصصة للتسويق والدعاية لجذب هذه الشركات ويتم إعلان أسماء الشركات على الموقع الإلكترونى.
ويتم تقسيم الهدف إلى مجموعة أهداف صغيرة منها عمل اجتماع مع الشركة، توقيع مذكرة تفاهم، حتى يتم النقل الفعلى للمركز الرئيسى للشركة إلى كوالالمبور، وتتوقع الحكومة توفير 234 ألف وظيفة من هذا المشروع.
وهنا يجب أن نرى ما قاله كريس تان المدير التنفيذى للبيمندو: «لقد أعطينا لكل وزير آى باد وهو مسؤول عن إفادة مجلس الوزراء كل يوم خميس بما تم تنفيذه فى كل هدف» وتم تأسيس تطبيق على الموبايل mobile app ليتم إدخال جميع البيانات ولكى يراها جميع الوزراء.
واوضح المدير التنفيذى للبيمندو أنه يتم جمع كل البيانات يوم الخميس على أن يتم إعلانها لكل الوزراء يوم الجمعة الساعة 5 مساءً، وفى التطبيق يوجد خاصية للرد كما هو الحال فى فيسبوك الذى يمكن الناس من التعليق عما يكتبه الآخرون، فمثلاً إذا قال وزير السياحة إنه لم ينفذ أى شىء هذا الأسبوع فى بناء فندق فى وسط العاصمة بسبب تأخير المرافق فيمكن لوزير الإسكان أن يرد ويوضح ويشرح السبب وأن هناك على سبيل المثال مشكلة من المحافظة، وبالتالى يمكن أن يعقب المحافظ ويحل المشكلة، ومن خلال التطبيق نجد أن كل المشاكل يتم حلها سريعا دون الحالة على إجراء مقابلة مع رئيس الوزراء.
وعندما سئل كريس «لماذا تنشر نتائج الأسبوع يوم الجمعة الساعة 5 مساءً؟ قال: «لكى نفسد عليهم عطلة نهاية الأسبوع to spoil their weekends».
ومن خلال كل ما سبق حققت ماليزيا نموا فاق الخطة الموضوعة نظراً للدور المهم جداً الذى يقوم به جهاز البيمندو Pemandu، فيتم الإعلان بصورة سنوية عن تقرير للشعب مكتوبا فى حوالى 200 صفحة مثل تقارير الشركات العالمية عما تم إنجازه فى العام الماضى وما لم يتم إنجازه بشرح مبسط ولكن بتفاصيل كثيرة لكل هدف وكل مؤشر.
ويتم مراجعة هذا التقرير من شركة PWC العالمية لسبب مهم أن هذا التقرير ليس موجها فقط للشعب ولكن موجه للمستثمر العالمى لكى يطمئن أن النتائج المكتوبة موثوق بها وأنها ليست دعاية تريد الحكومة تسويقها.
ماليزيا وضعت خطة وجذبت كفاءات إدارية جيدة ووضعت خطة مبتكرة لكى تنجح فى تنفيذ الخطة، لماذا لا نفعل نحن نفس الشىء؟ كل يوم نتأخر فيه نخسر الكثير، بدون هدف واضح وتحته مجموعة من الأهداف والموشرات فنحن غير جادين فى التخطيط وبدون كفاءات إدارية فنحن نصمم على عدم النجاح، وبدون خطة لمتابعة التنفيذ فمن المؤكد أننا لن نصل إلى ما نريد.