لا يزال دور المجتمع المدنى فى العملية الانتخابية يرسم ملامحه، فرغم أن دوره المرسوم منذ تسعينيات القرن الماضى يبدو لدى البعض قديمًا، إلا أن هذا الدور لايزال يتصاعد ولم يكتمل نموه بعد.
د. سعد الدين إبراهيم هو على ما يعتقد صاحب الدور الأول فى خوض تجربة الرقابة على الانتخابات، وأيا كان التقييم لما فعله وحصده من خلال تلك التجربة، إلا أنه يحسب له أنه هو أول من مد يده داخل عش الدبابير فى هذا الصدد. بعده وبعد صراع طويل فى أروقة المحاكم حصلت منظمات المجتمع المدنى على حكم قضائى لما انتزعه إبراهيم، وكانت البداية فى انتخابات 2005، وقنن هذا الدور لأول مرة فى تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2007، لكنه دور أقرت به السلطة على استحياء، عندما قصرت الحديث عنه فى القانون على أن تنظيمه هو ضمن مهام اللجنة العليا للانتخابات، أى أنه ورد فى إطار مهام اللجنة ولم يرد كإقرار به كلاعب فى حلبة الانتخابات.
هنا لم يكن لمنظمات المجتمع المدنى الأجنبية أى دور فى العملية الانتخابية، إذ كان مجرد الدفاع عن قيام بعضها بالسماح لها بالرقابة يعنى العمالة للأجنبى، رغم أن السلطة شاركت فى الرقابة على انتخابات الأجنبى على أرضه. لكن الأمور تلك تغيرت بعد 25 يناير، فأصبح للرقابة الأجنبية دور واضح ومعلوم وغير مزعج للسلطة فى العملية الانتخابية، لكن بقيت مشكلات كثيرة تراوح مكانها فى دور المجتمع المدنى فى الانتخابات:
أولا: رغم أن دور المجتمع المدنى فى الرقابة تحرك بعض الشيء لجهة الرقابة على مرحلة الترشيح وطبيعة الهيئة الناخبة ومراقبة الحملات الانتخابية، إلا أن السمة الرئيسة هى قصور معظم أدواره على عمليتى الاقتراع أولا والفرز ثانيًا.
ثانيًا: أن دور المجتمع المدنى ظل مقصورًا على توفير التمويل المحلى للرقابة على الانتخابات، الأمر الذى جعله يتجه للخارج للحصول على التمويل، وهو ما عرضه ولا يزال للحديث عن «العمالة» للخارج، وفى أفضل الأحوال الحديث عن «سبوبة» التمويل الأجنبى.
ثالثًا: رغم الانفتاح الكبير الذى بدا على السلطة فى التعامل مع دور المجتمع المدنى فى الانتخابات، إلا أنها مازالت تعتبر الرقابة هى مجرد «متابعة» وترفض بالكلية الحديث عن رقابة. ومن ثم سطرت اللجنة العليا فى قراراتها إجراءات شديدة فى قبول ورفض طلبات قبول «المتابعة» ووضعت شروطًا لايزال بعضها قاسيًا لدور المجتمع المدنى فى «متابعة» الانتخابات.
رابعًا: إن التقارير التى تكتبها منظمات المجتمع المدنى لايزال بعضها يتسم بالرتابة والتكرار، ويخلو بعضها من التوصيات المنطقية. وبالمقابل مازالت السلطة تتعامل مع تلك التقارير بمنطق «اركن على الرف».
لكن رغم كل ذلك فإننا نشهد تطورًا فى منهاج العمل، ورغبة فى التمايز، وربما تكون تلك الانتخابات وما يتلوها خطوة نحو الأفضل.