توجد أعمال فنية أثرت في الشعوب بدرجة قد تصل بالبعض للتوحد مع بعض الأعمال الفنية، والكلاسيكسيات العظيمة هي ما ظل يقرأه ويسمعه ويشاهده الناس، فمازلنا نشاهد كلاسيكيات السينما العالمية والمحلية ونستمع للأعمال الموسيقية العظيمة مهما طال الزمن.
الزمن يمحو غير المؤثر من الذاكرة، فهو يذهب في مكان بعيد لا يعرفه فيه احداَ، الناس تنفض عن الأعمال الرديئة بمرور الزمن
ينسحب ما ينطبق على الأعمال الفنية على باقي مناحي الحياة وخصوصاً العمل العام. لن ينسي المصريون طه حسين والمهندس حسن فتحي ودكتور مجدي يعقوب وغيرهم الكثير لن تكفي بضعة سطور لذكرهم، لكن المصريين قطعاً يختلفوا في مدي تقديرهم واعتزازهم بمعظم السياسيون الذين مروا عليهم.
الإلحاح الإعلامي لتنجيم بعض الشخصيات السياسية لن يجدي نفعاً، الناس أكثر وعياً مما يظنه بعض البلهاء من الساسة ومقدمي البرامج. فالكلمات تفقد أثرها حين لا تترجم بأفعال واضحة على أرض الواقع، ويبدو أن الواقع الحياتي المعاش يفضح كذب السياسيون بدرجة يتسني معها للمواطن العادي فهم ذلك الكذب والنفاق.
بعض مرشحي مجلس النواب الحالي يبالغوا في الدعاية بدرجة تثير الريبة في النوايا والأهداف، ويصبح السؤال المنطقي البسيط للمواطن غير المسيس «بيعملوا كل ده عشان ايه؟» بلا أجابة واضحة من النواب الجدد. وحين نستمع لأكاذيب واضحة من بعض النواب الجدد أنهم يفعلوا ذلك من أجل الوطن وتقدمه، هنا يهمس المواطن في أذن أخيه المواطن ناعتاً اياهم بالكاذبون المراوغون ويفقد بعض من حماسة للتصويت ولن يجدي بعد ذلك كلام بعض مقدمي البرامج عن الأهمية الوطنية للمشاركة في الانتخابات.
في كثير من دول العالم يمتهن كثير من السياسيون السياسة، فهم محترفون بالمعني الحرفي للكلمة، فالسياسي هنا يمتهن السياسة فقط، وعلى العكس من ذلك معظم المرشحين الحاليين في مصر فالسياسة بالنسبة لهم لعبة موسمية، يحاولوا استثمارها في تأمين مصالحهم التجارية أو استثمار نفوذ عضوية المجلس، فلا يوجد سيبب منطقي للتكالب على العمل العام ما لم يكن هذا هو المنحي المهني أو العشق الداخلي للعمل العام أو الإيمان بقضية يدافع عنها المرشح بقوة، ولن ينطلي على المواطن التدليس أو معسول الكلام أو سذاجة طرح «انا بعمل كده في حب مصر»
قديماً قيل «الصدق منجي» فهل يعي بعض من النواب الجدد أن الحياة أقصر من الكذب المتواصل، قد يدخل مجلس النواب كثير من النواب المدلسين الأفاقين الساعون فقط نحو الوهم الحالي أن لديهم بعض التأثير، ولكن بمرور الوقت يصبحوا مثل الأشياء موجودة لكنها غير مؤثرة، والوجود وحسب ليس حياة، الحياة أقدس من أن تضيع في وهم أنك تقوم بعمل ما وفي الحقيقة أنت مجرد رقم.
العمل السياسي بكثرة تعقيداته يحتاج فقط للمحاربين من أجل ما يؤمنوا به ويعملوا لأجله ويعرفونه حقاً. ومن البديهي أن ندرك أن من اسباب التكالب المرضي لعضوية مجلس النواب هو شعور بعض من النواب المرشحين والحاليين أنهم قد لا يتمتعوا بالأمان إلا من خلال التمتع بالحصانة والقرب من صانعي القرار. فمتي أصبحت مصر دولة يتمتع فيها كافة المواطنون بالعدالة، قد لا يجد النواب القابعون في الوهم ضرورة أن يدخلوا ملعباً لا يدركوا ابعاده، ولن يلعبوا مباراة وهم لا يعرفوا قواعد الإحتراف.