وزراء كثيرون – فى حكوماتنا المتعاقبة – تسلموا مسؤولياتهم وهم غير مستعدين لتحملها، لذلك أتوا مثلما ذهبوا ولم يبق منهم سوى وعود لم تنفذ وتصريحات وردية ومشروعات وهمية وسنين عجاف ضاعفت من مآسى الناس وأوجاعهم، ووزراء قليلون كرهوا التنظير وفهموا الواقع وقبلوا تحمل المسؤولية بأمانة وأحبوا الناس وأحبهم الناس وسطروا لأنفسهم صفحات ناصعة البياض فى سجل تاريخ الوزراء المحترمين بمرتبة الشرف ومنهم وزير التموين الحالى الدكتور خالد حنفى والذى تسلم مهام منصبه فى فبراير عام 2014 ولا يزال إلى يومنا هذا أكثر الوزراء عرضة للانتقادات والهجمات والشائعات لأنه الأكثر جدية فى العمل وكأن الشعار الذى بات معتمدا «اعمل أكثر تخطئ أكثر وبالتالى تصبح هدفا سهلا لمن يريدون النيل منك».
فى الحقيقة سبق أن كتبت عن الدكتور خالد حنفى مقالا لجريدة الوفد وكان تحت عنوان «تعلموا من وزير التموين» وقد نشر منتصف عام 2014 واتهمنى البعض وقتها بمحاباة الرجل، علما بأننى لم أقابله فى حياتى ومن المستحيل أن تجمع بينى وبينه أى مصلحة، فهو رجل اقتصاد وأنا رجل أدب وموسيقى، فالدكتور خالد حنفى وظف أفكاره غير النمطية وطاقات من يعملون معه من الشباب فى التصدى لمشكلات كانت تمثل كابوسا لوزراء سبقوه مثل «مشكلة رغيف العيش» والذى سقط بسبب محاولة الحصول عليه من أطلق عليهم «شهداء الخبز» وقد نجح الرجل لا فى توفير رغيف العيش فحسب بل فى تحسينه أيضا وخلق منافسة بين أصحاب المخابز على إرضاء المواطن وتحرير سعر الدقيق وجعل رغيف العيش يصل للمواطن بعد أن كان نهبا لصاحب المخبز.
والأهم من ذلك أنه سمح لمن يوفر فى استهلاك الخبز أن يحصل على مواد تموينية مجانية يصل عددها لأكثر من 100 سلعة يتخير منها ما يناسب احتياجاته، ونتج عن هذا التفكير الإيجابى عدة أمور منها:
أولا، لم يعد المواطن مثلما كان فى السابق مربوطا ببقال تموينى معين وإنما تركت له حرية اختيار البقال الذى يقدم له الخدمة الأنسب.
ثانيا، القضاء نهائيا على ظاهرة تهريب الدقيق واستغلال رغيف العيش كعلف للبهائم.
ثالثا، توفير حوالى مليون وتسعمائة ألف طن قمح مقارنة بالعام الماضى وكذلك الحد من استيراده ليصل إلى 4 ملايين طن بعد أن كان 6 ملايين فى العام الماضى.
رابعا، إدماج حوالى 50 ألف صاحب مخبز وبقال تموينى فى الاقتصاد الرسمى وتطوير وتحديث 69 شونة قمح من أصل 105 شونات موجودة الآن بمصر وذلك لحفظ الأقماح وتخزينها تخزينا جيدا.
أضف لما سبق قيام الوزير ومعاونيه بإنشاء مشروع المركز اللوجيستى للحبوب فى محافظة دمياط وهو المشروع الأكبر فى الشرق الأوسط لتصنيع وتغليف وتعبئة الحبوب والبذور والزيوت غيرالمكررة.
جدير بالذكر أنه عندما ارتفعت الأسعار مؤخرا وقل المعروض من السلع والبضائع المستوردة ونتيجة الطقس السيئ الذى ضرب بعض مدن الوجه البحرى، ضربت مصر أمواج الغلاء إلى حد كاد يعجز محدودى الدخل عن الحصول على الحد الأدنى مما يحتاجونه من الغذاء فما كان من وزير التموين إلا أن تحرك فى اتجاهين:
الأول، تمثل فى إطلاق السيارات المحملة بالسلع الغذائية وبأسعار مخفضة عن المعروض فى السوق بنسبة لا تقل عن 25% ونشر هذه السيارات فى المناطق والأحياء ذات الكثافة السكانية العالية.
الثانى، توظيف الوزير للمجمعات الاستهلاكية فى طرح وجبات متكاملة ومتنوعة بقيمة 30 جنيها يوميا تكفى 4 أفراد، فى محاولة من الرجل لتوفير احتياجات الأسرة من السلع الغذائية بأقل أسعار ممكنة، تتضمن الوجبات نشويات وبروتينات وخضراوات وفاكهة.
بالطبع، قد لا تكون كل الحلول التى يقدمها الوزير مناسبة وموفقة لكنها على أى حال تعكس أن له رؤية وهدفا وأنه ليس كغيره من المفعول بهم، وإنما هو فاعل ومتفاعل وصادق فى الانحياز للضعيف قبل القوى والفقير قبل الغنى وجاد فى تحمل أمانة المسؤولية وواجبات المنصب الوزارى لذلك فهو جدير بكل الاحترام والتكريم الشعبى والرسمى وجدير بما يتناقله فيما بينهم البسطاء وهم يشيدون به قائلين: «عفارم عليك يا وزير التموين».