جنون العالم

لينين الرملي الخميس 19-11-2015 21:40

كان يا ما كان قى قديم الزمان، إن القبائل التى كانت تشعر بقوتها- أى قسوتها وسفالتها- تعودت أن تُغير على من حولها من القبائل الأقرب لها لتقتنص منها الحيوانات والطيور وغيرها، فتستولى على خيراتها حتى ولو كانت هى تملك أكثر منها وتمتص دماء هذه الشعوب الأضعف أو المتخلفة وتضعها تحت سيطرتها بأن تُجيّش الجيوش لتغزوها وتحتلها وتضمها لأملاكها، وتتخذ من أهلها عبيدًا وجوارى، ثم تستعد لتغزو غيرها من القبائل المجاورة بواسطة هؤلاء العبيد، لكن فى نفس الوقت تتحرك قبائل أخرى لتفعل نفس ما يفعله غيرها قبل أن تتوسع أكثر وتفوز بالثروة والنفوذ والهيمنة حتى تكثر هذه القوى لتلحق بهم أو تدخل فى تحالفات مع هذا الفريق أو ذاك قبل أن يحاربوا بعضهم. والنصر لمن يسرق ويقتل أكثر.

هذا هو القانون الذى مازال سارياً منذ بدء الخليقة على الأرض حتى الآن، وقد أخذه الإنسان عن الحيوانات بدءًا من الفئران إلى الحيوانات المتوحشة، وإن كانت الحيوانات لا تُقدم على الافتراس إلا إذا جاعت، بينما بنو البشر يفترسون بعضهم البعض طيلة الوقت مهما كانت ثروتهم وبذخهم، وهو ما حدث بشكل بشع فى الحرب العالمية الأولى، ثم فى الحرب العالمية الثانية التى راح فيها ملايين البشر وملايين الجرحى من الرجال والنساء والأطفال والمشوهين، والملايين من المجانين والمكتئبين الذين كرهوا الحياة برمتها، وبعدها تغير العالم بعض الشىء ودخل فى طور آخر، فقد أدركت البلاد المنتصرة أنه لابد من استراتيجية جديدة، أى «نيولوك»، والرقم الأول فيها ألا تعارك بعضها البعض بشكل مباشر وتحاول أن تتحاشى المعارك مع الدول القوية مثلها حتى تتجنب الخسائر الكبيرة، خاصة أن الرأى العام فى بلادها لم يعد يريد الحروب التى كانت بلاءً عليه، رغم أنه فرح لثراء وطنه أكثر من غيره، وهكذا بدأ قادة السياسة فى التحول للنظر إلى بلاد العالم الضعيف فهى مليئة بكنوز من الذهب الأسود والأبيض أيضًا فتشملها بالرعاية قى البداية، مثل العراق وليبيا وأمثالهما، فهى لا تحتاج إلى الكثير من الجهد، فإذا استتب لها الأمر على حساب شعوبها استعانت بالفتوات والمجرمين وقُطاع الطرق، بل والمجانين، وتمولهم بالمال والسلاح لكى تنهب بعض هذه الشعوب الضعيفة وبأيدى زعمائها، ويساعدهم الغرب على تولى الحكم من وراء الستار، ويبيعهم السلاح حتى يأتى الوقت المناسب لكى تنقلب عليهم وتقع المعارك بين الجميع، وهو ما حدث فى أغلب بلدان المنطقة، وهو ما حدث فى ليبيا وسوريا وتونس واليمن ولبنان والجزائر والسودان، وكانت الجائزة الكبرى هى تمكين جماعة الإخوان من حكم مصر وإلى الأبد كما كانوا يعتقدون أو يأملون، ومن المؤكد أن هذا الغرب بزعامة أمريكا وإنجلترا شارك فيها ومازال يشارك فى هذه الجريمة بكل قوته رغم أنه يدعى أنه ضد القرصنة ومع الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان... إلخ، لكن كالعادة ينقلب السحر على الساحر كما حدث لأمريكا عندما أحرق بن لادن وأتباعه برج التجارة فى أمريكا. والدور سيأتى على إنجلترا قريباً جدًا كما وصل إلى فرنسا وغيرها عدة مرات، وكما تلعب بعض الدول بالنار لن يتوقف الأمر عندنا نحن أيضًا، فالإرهاب الحقيقى لم نطارده بعد، والإرهاب نفسه هو أكبر فساد، وادّعاء الدين زورًا هو فصيل من الفساد، أم أن فساد الوزراء وأصحاب المعالى فى شتى المناصب لا علاقة له بالإرهاب، لأنهم يتسترون بالدين؟