مهرجان «فتشنى فى المطار»

سحر الجعارة الخميس 19-11-2015 21:40

نحن نصر على إفساد قضايانا العادلة بسياسة «الإنكار»، نقف فى خندق المدان لندافع عن أنفسنا بأدلة وحجج واهية لا تقنع أحداً.. ليس لدينا إلا إعادة تطبيق نفس السيناريوهات فى كل أزمة، وبنفس اللهجة مهما تغيرت الأنظمة!.

«الإسلام برىء من الإرهاب»، شعار ترفعه المؤسسات الدينية والسياسية والإعلامية فى مواجهة المجتمع الدولى الذى لم ير من الإسلام إلا وجه «أسامة بن لادن» ووحشية تنظيم «القاعدة».. بينما نحن نتعامل مع الرأى العام العالمى بسذاجة مفرطة ولا نطرح أمامه الحقائق، فنقول إن «بن لادن» صناعة أمريكية للقضاء على الاتحاد السوفيتى أفلتت إدارته من البيت الأبيض فانقلب السحر على الساحر!!

لا نقول- فى إعلامنا- إن العالم تآمر علينا بدعم تنظيم «الإخوان» الإرهابى، الذى حول «سيناء» إلى موطن للإرهاب، وإننا نحارب الإرهاب وحدنا ونحتاج إلى دعم دولى.. بل ننكر أن الطائرة الروسية تم استهدافها بعملية إرهابية، ونكتم حزننا من إجلاء السياح الروس من مصر ووقف الطيران الروسى إلينا.. فما هو المخجل فى تعرض مصر لعمل إرهابى؟!

نحن لا نفرق جيدا بين الإسلام والمسلمين، لا نعرف أن التاريخ سطر سنوات طويلة من الفاشية الدينية، سواء كانت يهودية أم مسيحية، وقد آن أوان استغلال الإسلام كعصا كهربية تهدد العالم.

نحن نشعر بالعجز لأننا متهمون فى أعز ما نملك: «الدين».. وهو «التابوه» المقدس.. دون أن نمسه بالمراجعة أو التجديد لمئات السنين.

سقطت «العراق» فلم نتعظ، تقسم «السودان» إلى دولتين: إسلامية ومسيحية فلم نحرك ساكنا.. ضُربت «بيروت» ونحن منهمكون فى عزاء «باريس» التى تعرضت لست حوادث إرهابية.. لم يقل أى منا إن ما يحدث فى «اليمن» حرب «سنية- شيعية»، أو إن الفوضى السياسية فى «ليبيا» تعزز من قدرات «داعش» فى السيطرة على آبار النفط وتطوير قدراتها.. وإن الوضع العسكرى فى «سوريا» ينذر بكارثة فى المنطقة إذا تأخر الحل السياسى!.

وكأننا نكلم أنفسنا فى غرفة مغلقة، كل همنا أن نثبت براءتنا من دماء الطائرة الروسية، أو أننا نشعر بالذنب لأننا مسلمون فنستسلم لمسلسل الشر مهما كلفنا الأمر.

«توكلت على الله» عبارة نسيناها جميعا، كانت الدليل الذى قدمه تقرير هيئة السلامة الأمريكية ليؤكد أن مساعد الطيار «جميل البطوطى» قد تعمد إسقاط الطائرة المصرية عام 1999 والانتحار.. لكننا شعوب بلا ذاكرة.. ولهذا نتخبط فى معالجة أزمة سقوط الطائرة الروسية وما ترتب عليها من ضرب متعمد للسياحة المصرية.

العالم لن ينتظر نتيجة التحقيقات المصرية فى الحادث، العالم مرعوب، تربكه رسالة على أى هاتف محمول، حتى فى مصر تعطلت طائرة متجهة للغردقة بسبب رسالة تهديد كاذبة.

حين ذهب رئيس الجمهورية «عبدالفتاح السيسى» بنفسه إلى مطار «شرم الشيخ» لطمأنة العالم، ودعم السياحة، صورته الكاميرات آمناً وسط جموع غفيرة بلا أمن أكثر من حرس الرئاسة.. وفى اليوم التالى ظهر «محمود سعد» فى برنامجه وخلفه تقف مجموعة ضباط فى أغرب خلفية لبث مباشر من مدينة سياحية!.

الفضائيات التى وظفت الفنانين كأداة لتنشيط السياحة الداخلية، وأخذت فى «الزن» على المواطن للذهاب إلى «شرم الشيخ»، لا تدرك حجم خسائر المستثمر حين يستقبل سائحاً مصرياً ليدفع راتب العامل المصرى!.

لا تعى أن مرافقة الكاميرات لتفتيش البشر فى المطار قد تعطى انطباعا سلبيا.. أنا شخصيا لم أفهم الرسالة المراد توصيلها للعالم من تفتيش الوزراء فى مطار «شرم الشيخ».. أننا أغبياء مثلا؟!.

اقرأوا جيدا ما بين سطور بيان الرئاسة بعد انعقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، برئاسة القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، وفى حضور الفريق أول «صدقى صبحى»، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، ربما تعرفون بوصلتكم.

الرئيس أكد (أهمية العمل بأقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد القتالى بالنظر إلى دقة الأوضاع الإقليمية وصعوبة الأوضاع الأمنية فى العديد من دول المنطقة، وما تقوم به الجماعات الإرهابية من عمليات آثمة خارج نطاق منطقة الشرق الأوسط).. والمجلس استعرض (سبل تعزيز الأمن على الحدود الغربية لمصر، وكذا تطورات العمليات العسكرية ومجمل الأوضاع فى اليمن وسوريا).

إنها الحرب على الإرهاب.. وليست مهرجان «فتشنى فى المطار».. أفيقوا وارحمونا.