كرة القدم التى لا تعرفها.. أساطير حول ميسي ورونالدو

كتب: لؤي فوزي الأربعاء 18-11-2015 11:27

ميسي من صناعة تشافي وإنييستا، رونالدو هو الأقل اعتمادًا على زملائه، ميسي لن ينجح خارج برشلونة، ميسي فاشل مع منتخب بلاده.. لن تجد موضوعًا أكثر إثارة وسخونة اليوم في عالم كرة القدم، التحليلات والنظريات لا تتوقف، اليوم نواجه تلك المقولات بحقائق الأرقام فتثبت صحتها أو تأخذ مكانها بين الأساطير التي صنعها الإعلام والمشجعون.

«لو لعب رونالدو في الليجا منذ بداياته لحطم كل أرقام ميسي بسهولة» – سير أليكس فيرجسون.

ربما يتفاجأ فيرجسون إذا علم أن رونالدو سجل 132 هدفًا قبل قدومه لإسبانيا، مقابل 80 هدفًا فقط لميسي، بينما صنع الدون 65 هدفًا مقابل 44 لميسي، لكن الأساطير لن تتوقف، فهناك من يقول أن بداية رونالدو في البريميرليج الأصعب والأكثر تنافسية من الليجا قد عطلته عن ملاحقة الأرجنتيني، والحقيقة أن سيطرة مانشستر يونايتد على البريميرليج في الفترة التي لعب له فيها الدون تكاد تكون مطابقة لسيطرة برشلونة في إسبانيا، فكلا الناديين حصد ثلاث بطولات دوري في تلك الفترة، بينما تفوق مانشستر بثلاث بطولات للكأس مقابل واحدة لبرشلونة، وتفوق برشلونة ببطولتي سوبر مقابل واحدة لمانشستر بمسمي الدرع الخيرية، ويمتد التطابق لدور اللاعبين في تشكيلة فرقهما، فقبل إنتقال رونالدو للريـال في 2009 كان ميسي يلعب في نفس مركز رونالدو مع اليونايتد ولكن في الجهة المقابلة، وفي الوقت الذي كان السيتي وتشيلسي يحاولان خطف اللقب من الشياطين، كان الريـال يضيف نجوم بحجم كانافارو وبيكام لتشكيلة مدججة بالفعل تضم زيدان وفيجو وراؤول.

تلك الإحصائية السطحية تظهر تفوقًا كبيرًا لصاروخ ماديرا في سنينه على ملاعب إنجلترا، إلا أن البرغوث بتفوق في نفس الفترة في معدلات التهديف وصناعة اللعب لسببين رئيسيين، أولهما أن إنطلاقته تأخرت عن البرتغالي لثلاث سنوات كاملة، وثانيهما أنه لم يمنح دقائق لعب مكافئة لتلك التي منحت لرونالدو.

«ميسي منتج برشلوني، كم المساعدة التي يلقاها في برشلونة يجعله مرشحًا للفشل خارج أسوارها، بينما رونالدو سيسطع في أي مكان» – سير أليكس فيرجسون.

تسعة من كل عشرة مشجعين سيجزمون أن تشافي وإنييستا من أعظم صناع اللعب في تاريخ اللعبة، لذا يبدو منطقيًا أن يرجع سواد جمهور الكرة تفوق الأرجنتيني لثنائي وسط البرسا ..حقيقة أم أسطورة أخرى؟

من أصعب الأمور على الإطلاق أن تحاول التعرف على قيمة هلامية مطاطة كـ«كم المساعدة التي يتلقاها» أي من ثنائي العصر، وربما كانت صعوبة هذا الأمر بمثابة الفجوة السوداء التي ابتلعت كل الجهود المبذولة لحسم الصراع.

ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ومن المؤكد بداية أن تقييم الجماهير العشوائي لصناع اللعب وكفائتهم يتلقي ضربات قاصمة عندما تختبره الأرقام والإنتاج الفعلي، فبعملية مرهقة شملت مراجعة إحصائيات أفضل من جاور الثنائي من صناع اللعب في كل من مانشستر والريـال وبرشلونة ستتمكن من أن تختار عددًا كافيًا من أفضلهم بشرط أن تتساوي عدد مواسم مجاورتهم لكل من ميسي ورونالدو، فقبل 2009 جاور ميسي في برشلونة تشافي، إنييستا، رونالدينيو، وإيتو، بينما زامل رونالدو جيجز، سكولز، روني، وتيفيز، وبترتيب القائمة كانت المفاجأة الأولي بخروج المايسترو تشافي من القائمة من الأصل، فبرغم أن قائد البرسا التاريخي صنع ما يقرب من 153 هدفًا طيلة مسيرته، إلا أنها كانت موزعة على 15 عام بألوان البرسا، فكان معدل تشافي هو تمريرة حاسمة كل
350 دقيقة، وهو معدل منخفض نسبيًا، المفاجأة الثانية كانت حلول إنييستا في المركز قبل الأخير بتمريرة حاسمة كل 295 دقيقة، ولا تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، فبترتيب صناع اللعب الذين جاوروا الثنائي قبل العالم 2009 يحل ريان جيجز في المركز الأول بتمريرة كل 217 دقيقة، يليه رونالدينيو بتمريرة كل 267 دقيقة فإنييستا بتمريرة كل 295 دقيقة وأخيرًا الجولدن بوي بتمريرة كل 335 دقيقة.



وبإرتفاع معدلات تهديف الدون بشكل جنوني منذ مجيئه للريـال عادت نفس الأقاويل عن بداية رونالدو سيئة الحظ، وعادت الإحصائيات لتظهر خطأ المقولة مرة أخرى، فكانت المفاجأة أن خمسة من أول ستة مراكز في قائمة أكفأ صناع اللعب الذين جاوروا الثنائي في حقبة ما بعد 2009 كانت من نصيب لاعبي الريـال.

بل ولم يقابل ذلك الفارق في كفاءة صناع اللعب من زملاء رونالدو فارقًا في إجمالي التهديف للفريق على نظيره في برشلونة، حيث كسرسجل كل من برشلونة من جهة والريـال ومانشستر من جهة أخرى حاجز الـ900 هدف بفارق قليل، هنا يصبح التساؤل منطقيًا، إذا كان الريـال قد إمتلك صناع اللعب الأمهر، وأحرز تقريبًا نفس عدد أهداف البرسا فأين كان الفارق الذي مكن العملاق الكتالوني من إكتساح غريمه التقليدي في البطولات والألقاب؟

وكان الرد في المفاجأة الأخيرة، فقائمة صناع اللعب تجاهلت أهم عنصرين.. رونالدو وميسي أنفسهم، فبينما تقاربت معدلات تهديف الثنائي في حقبة ما بعد 2009 بهدف كل 82 دقيقة لكل منهما، فإن رونالدو في نفس الفترة إحتاج لمرة وثلث الوقت الذي إحتاجه ميسي لصناعة هدف واحد.

وعلي عكس الأسطورة الدارجة التي تجزم بتلقي البرغوث المساعدة الأكبر من زملائه، فإن ميسي طيلة إرتداءه لقميص البرسا كان وبلا منازع أفضل صانع لعب في الفريق بتمريرة حاسمة كل 204 دقيقة، متفوقًا بفارق شاسع عن تشافي وإنييستا اللذان ترجع الأساطير المتداولة فضل تألقه لهم، ولم يزحه عن عرش صناع اللعب في 11 عام سوي قدوم فابريجاس الذي سجل في ثلاث سنوات لعبه للبرسا تمريرة حاسمة كل 180 دقيقة، بينما استغرق رونالدو في إجمالي مسيرته 290 دقيقة لصناعة هدف واحد.



«إذا كان ميسي هو الأفضل في العالم فرونالدو هو الأفضل في الكون، إذا كنت ستمنح البالون دور للاعب الأفضل فلتعطها لميسي أو رونالدو، ولكنني أتساءل، إذا كان الإثنان بنفس المستوي، فهل من المنطقي أن يكون بحوزة أحدهما 4 والآخر واحدة فقط؟» – جوزيه مورينيو عند سؤاله عن جوائز أفضل لاعب في العالم- 2012.

ولكن من الأحمق الذي قال أن الكم هو كل شيء في كرة القدم؟ بل إذا كان هناك شيئًا صحيحًا في كرة القدم فربما يكون العكس، هل يمكننا إحتساب تلك التمريرة التي تلقاها زيدان من روبرتو كارلوس قبل أن يحرز هدفه الأسطوري في باير ليفركوزن كتمريرة حاسمة؟ هل يمكن مقارنتها بتمريرة من دي ماريا أو رونالدينيو وضعت رونالدو أو ميسي في مواجهة مع الحارس أو مرماه الخالي؟ هل يتساوي هدف ميسي في خيتافي بأي من أهدافه الأخري؟ ماذا عن هدف رونالدو في إيفرتون؟ ماذا عن هدف في نهائي كأس أو كلاسيكو أو نهائي دوري الأبطال؟ هل يتساوي مع هدف في قرطبة أو غرناطة؟ لن يكون ذلك عدلًا للعبة بالتأكيد.

«المشكلة الوحيدة في حياة رونالدو هي ميسي، لولاه لكان أفضل لاعب في العالم لخمس سنوات متواصلة» – فيليبي سكولاري إبان تدريبه لمنتخب البرتغال.


ولكن ربما نقترب من العدل إذا ما راجعنا أهداف الثنائي مجتمعة والتي تتخطي التسعمائة هدف، رقم مرعب لا شك، لكنه حمل تباينًا أثبت تفوق فتي روزاريو المريض مرة أخرى.


ولأنها ثنائية العصر وربما ثنائية التاريخ، ستكون حماقة العصر كذلك الأخذ بهذا التحليل للتقليل من لاعب أسطوري كرونالدو، فرغم حدة التنافس بين الثنائي إلا أن أي منهما قادر على السطوع في أي مقارنة مع من سبقوه بأريحية تامة، فربما يأخذ هذا التحليل- والمحاولات الشبيهة من قبله- مكانه فورًا في المعارك الطاحنة بين محبي الثنائي، لكن بكل تأكيد حينما يعتزل الثنائي يومًا ما سيعود الوقت الذي يعد فيه 40 هدفًا في الموسم رقمًا مستحيلًا على أي مهاجم،
ويفخر فيه أبرز مهاجمي أوروبا بإحراز هاتريك أو إثنين في الموسم، وينفق كبار أوروبا الملايين للتعاقد مع المهاجم الفذ الذي يحرز هدفًا كل مباراتين، ولا نجد مهاجمًا يسجل كلاعب كرة يد وفي نفس الوقت يصنع أهدافًا بمعدل يفوق متخصصي صناعة الأهداف الأفذاذ كتشافي وإنييستا وجيجز، كذلك رغم أن الحديث في أوجه تفوق أحدهما على الآخر يبدو الآن شيقًا ومثيرًا لأقصي درجة، إلا أنه سيأتي الوقت الذي سيتحول فيه لترف لم نعد نملكه.