السيسى ليس فى حاجة لأعداء!

سليمان جودة الإثنين 16-11-2015 21:09

دار حديث تليفونى بين الدكتور صبرى الشبراوى، وبين السيدة فايزة أبوالنجا، مستشارة الرئيس للأمن القومى، وكان أن دعته هى لزيارتها، فزارها، ووجدها فى مكتب مغلق بالرئاسة، لا تتكلم فيما يبدو مع أحد، ولا أحد يتكلم معها! سألها الدكتور الشبراوى بإخلاص، عما إذا كان هناك تحديد مسبق لدورها بالضبط، وعما إذا كان قد قيل لها شىء عند مجيئها عن طبيعة مهمتها التى عليها أن تقوم بها إلى جوار رأس الدولة، ففهم منها أن شيئاً من ذلك لم يحدث!

عاد الدكتور الشبراوى يسألها عما إذا كان معها فريق مؤهل يساعدها، فنادت على واحد من سفراء الخارجية، كان فى غرفة مجاورة، وطلبت منه أن يكتب وراء الدكتور الشبراوى ما قد يساعدها فى عملها! عاد الرجل من عندها، وهو محمل بإحباط الدنيا، وما إن عاد حتى دخل على النت، ليقرأ عمن يساعد أوباما - مثلاً - فى مكتبه، فقراً عن أسماء لأصحاب عقول ضخمة إلى جواره، وقرأ عن أن كل واحد منهم له مهمة محددة فى مجاله، وأن جميعهم يجلسون تحت مظلة أكبر، اسمها مجلس الأمن القومى، ولا يكون الرئيس مقبلاً على اتخاذ قرار، إلا ويجد عندهم وصفة جاهزة بماذا بالضبط عليه أن يفعل! فلا يمارس العمل بعشوائية، كما هو حاصل عندنا، ولابد أن نتداركه بسرعة.

الرئيس السيسى نواياه صادقة، وحبه لبلده لا يختلف عليه اثنان، ودوره فى 30 يونيو 2013، عندما وقف إلى جوار ثورة الشعب، ليس محل جدل، وسوف يبقى وساماً على صدره.. غير أن هذا كله كوم، وما يحدث حالياً كوم آخر تماماً!

كما أن كل ما ذكرته حالاً عن الرئيس لا يبنى وحده دولة، ولا يقيم قواعدها.. إنه قد يحميها على حالها القائم فى لحظة فارقة، ولكن بناءها موضوع آخر لا علاقة له بالنوايا الحسنة، ولا بالأمانى الصادقة، ولذلك، فإن هذا هو ما قد يفسر لنا انتقالنا من أزمة لأزمة أكبر، دون أن نتطلع لبعيد، ونرى ما الذى يمكن أن تقودنا إليه أزمات متتالية هكذا!

لا أحد يعرف، على سبيل المثال، ما إذا كان للسيدة أبوالنجا رأى فى مفاعل الضبعة الذى سوف ننفق عليه 5 مليارات دولار، فى وقت تقلع فيه ألمانيا - مثلاً - عن هذه المفاعلات، وتخلى أرضها منها، وتتجه للطاقة الشمسية التى نملك منها أضعاف أضعاف ما تملكه هى؟!.. لا أحد يعرف!

لا أحد يعرف ما إذا كان للسيدة أبوالنجا، بحكم أنها مستشارة الرئيس لـ«الأمن القومى»، رأى فى قضية كهذه، أم لا.. وبمعنى آخر فإنه لا أحد يعرف ما إذا كان أحد قد فتح عليها غرفتها، وسألها رأيها، الذى سوف نسألها نحن عنه ذات يوم، أم أن بابها لايزال مغلقاً عليها، كما أخذه معه الدكتور الشبراوى، وهو ذاهب من عندها قبل أسابيع؟!

استشارية الرئيس ليست مهمة ترفيه بأى معيار، ولا يمكن أن يأتى أحمد زويل ليلتقط صورة مع رئيس الدولة، ويتناول غداءه، ويذهب ليغيب عاماً، ثم نسميه فى النهاية مستشار الرئيس، أو نقول عنه إنه بين مستشاريه.. ولا يمكن أن يطير المهندس هانى عازر كل فترة، ليلتقط صورة أيضاً مع الرئيس، أو مع رئيس الحكومة، ويغيب هو الآخر عاماً، أو أكثر، ثم نسميه مستشاراً للرئيس.. لا يمكن.. لأن مسؤولية دولة بحجم مصر لا تحتمل مثل هذه الخفة فى التعامل مع الأمور، وتحتاج لعقول كبيرة متفرغة فى الرئاسة 24 ساعة فى اليوم.

إننى أقول، من منطلق الحب للرئيس، والحرص الصادق عليه، وعلى الوطن من قبل، ومن بعد، إن السيسى، بالوضع الحالى، ليس فى حاجة إلى أعداء، أقولها وقد أيدته ومازلت أؤيده.

وحين انتهيت من كتابة هذه السطور، قرأت أن الرئيس عقد اجتماعاً طارئاً مع مجلس الأمن القومى، فتفاءلت، ثم تساءلت: منذ متى لم يجتمع المجلس بالرئيس؟!