قبل التراشق بالإتهامات.. هل يرتقي منتخب الإنقسامات للطموحات؟

إسلام مجدي الأحد 15-11-2015 17:30

في ذلك الوقت من عام 2009 كان الحديث بأكمله حول ما يقدمه منتخب مصر، الأكثر من رائع، من أداء متميز متناسق ميز ذلك الجيل الذي لم يتكرر بعد، الأسلوب أكثر من أي شئ آخر التماسك والتناسق كان أكثر ما يميزهم.

لن أتحدث هنا عن أسماء تلعب بقميص منتخب، حينما يكون الأمر منوطًا بمنتخب بلادك فلا يهم من أنت بل ما تقدمه حقا لذلك المنتخب ولماذا تلعب، هناك هدف وغاية، ثم وسيلة، ونجاح أو إخفاق.

عشت ما قد عشت طوال عمري القصير وأنا أسأل نفسي كلمة منتخب ماذا تعني؟ إنها تعني النخبة، الأفضل، نظرة سريعة على العالم المواز في أوروبا، تشكيل منتخب إسبانيا منذ عام 2008 حتى عام 2012 حصدوا البطولات الكبرى بما فيها كأس العالم.

وتبادر إلى ذهني ذلك السؤال، لماذا لا يقول أحدهم على ذلك المنتخب إنه منتخب برشلونة؟ أو ريـال مدريد الوصيف، لماذا تستدعون لاعبين بإسم ذلك المنتخب؟ أفضل ما يميز النخبة التي يختارها مدرب المنتخب هو تميزهم في ما يقدمونه بشرط أن يخدم ذلك تكتيكاته.

على غير العادة نرى في حالة النجاح ذلك المدرب يرتفع به السلم من فرط المبالغة في تقدير ما قدمه، وإن أخفق فإنه يتم رميه من أعلى ذلك السلم الذي رفعه يوما ما في قمة العناوين والمديح، حتى ان المدرب قد يصاب بالإحباط حتى يموت وهو لم يفهم ماذا حدث.

بناء طموح معين يكون ببناء جيل يمكنه تحمل المسئولية الكاملة، جيل «يفهم» كرة القدم وجيل آخر قديم يقف بجوار الجيل الجديد إنها عملية تسليم وتسلم عملية بناء وإحلال وتجديد، لكن ما يحدث حاليا هو جيل مشغول بمجده الشخصي، وجيل آخر منشغل بما يجب أن يحققه قبل ان يتقدم به السن.

الأمر ليس حول من اختارهم المدرب، بل حول «لماذا» اختار هؤلاء، لماذا دائما يجب أن يكون هناك 20 لاعب من أصل 23 لاعب للمنتخب من ناديين فقط؟ لما لا تجرب أن تستدعي الأفضل؟ منتخب إنجلترا، وهم لديهم دوري قوي لا يقارن، مثلا وليس حصرًا، لا يحقق شيئا يذكر، نظرا لأنهم يخشون من تجربة الوجوه الجديدة ويسمعون دوما للصحافة بغض النظر عن ضعف كفاءة المدربين الذين يتولون المهمة.

منتخب هولندا لديه دوما عقيدة ناجحة بعض الشئ، ربما ليسوا في أفضل أوقاتهم وليسوا في أفضل حال نعم، لكن، هناك نظام معين لكرة القدم حتى في الدوري تجد حالة المنتخب تنعكس على الجميع.

دائما مع منتخب مصر تشعر أنهم يلعبون كرة من عالم آخر، مواز، لا يوجد به أية ميزة سوى أنهم يجيدون التصرف فقط حينما تصبح كل الأمور سوداء، وهذا أمر صعب للغاية لا يمكن دوما أن تقع تحت الضغط وتنتج أفضل ما لديك.

منتخب مصر يواجه أزمة ثقافية حادة للغاية، أولًا الدعم الجماهيري منقسم وعنصري للغاية، وتلك الأمور يتبعها انقسام حاد داخل صفوف المنتخب نفسه، نحن في عام 2015، واللاعبون هم جزء من الكون وليسوا منعزلين عنه.

على الجانب الآخر لن نتراشق الإتهامات حول المجاملات وما إلى ذلك، لكن حينما يتم إختيار مدرب لمنتخب ما فيتم دوما مراعة طريقة لعب المنتخب فنيا وتكتيكيا، اختيار مدرب يعرف لاعبيك جيدا وكيفية التعامل معهم إن كان حازما أو عنيدا وإن كان طيبا صديقا للاعبين، تختار ما أنت بحاجة إليه وليس ما انت مجبر عليه.

أما على صعيد الدوري فلماذا على سبيل المثال إن كنت ألعب لفريق الداخلية، ومتصدر لجدول ترتيب الدوري، أن أكترث بشأن منتخب لن يختارني مهما فعلت؟ بالظبط سأكترث أكثر للانضمام لأحد الفرق التي ستؤهلني لتلك المهمة مما يدمر عقلية اللاعب فبدلا من أن يكون بقلبه مع المنتخب وعقله داخل المستطيل الأخضر تختلط الأمور فلا يركز أبدا إلا على وتيرة معينة.

مشكلة الجهاز المساعد دائما مشكلة صعبة لأي مدرب في أي مكان، إن كان الجهاز المساعد عاطفي فتلك مصيبة وإن كان عنيدا فتلك مصيبة، يجب على ذلك الجهاز أن يعي جيدا أهمية وحجم المسئولية لا سيما والمدرب أجنبي من الأساس وهو اتى في وقت حيوي للغاية فلا مجال للكثير من التجريب.

لنعود بعد كل تلك النقاط لنقطة الصفر، منتخب خسر بنتيجة سهلة، والتصنيف يهبط درجة أو اثنتين، وتراشق حاد للاتهامات وآمال ضائعة تائهة، ومسئولية لا يكترث لها أحد، ومصلحة فردية فوق المصلحة العامة، فمتى تنتهى الإنقسامات لنرتقي لحجم الطموحات؟