الدكتور محمد عبدالوهاب، أستاذ الأشعة التشخيصية، وزوج الفنانة الراحلة فاتن حمامة، قرر تخصيص جائزة سنوية لاسم الفنانة، من خلال مهرجان القاهرة السينمائى، الذى انطلق الأربعاء، والذى يقوم هذا العام بتكريم اسم فاتن حمامة أيضاً، ليظل الفن الراقى الذى قدمته على مدى سبعة عقود، يفرض نفسه بقوة، ما بين مسلسلات وأفلام، كان المضمون فيها جميعا يمثل قيمة اجتماعية مازالت تلقى بظلالها على حياتنا اليومية، وعلى صناعة السينما والتليفزيون بشكل خاص.
ما أثار انتباهى هو ما ذكره الدكتور عبدالوهاب من أنه عرض أمر الجائزة على كل من نادية عزالدين ذوالفقار، وطارق عمر الشريف، وهما ابنا الفنانة الراحلة، بما يشير إلى العلاقة الوطيدة للرجل مع أبناء زوجته، فى إضافة جديدة لفكرة الجائزة فى حد ذاتها، والتى تمثل انتصارا للحب والوفاء فى آن واحد.
شاءت الظروف أن ألتقى الدكتور محمد عبدالوهاب مؤخراً، لأجده- رغم كل همومه العملية اليومية- مهموماً بالوطن، متابعاً لكل الأحداث بدقة، قارئاً جيداً للصحف، له آراؤه المعلنة فى السابق والحاضر، ورؤيته للمستقبل، مازالت الفنانة الراحلة فاتن حمامه تحيا بين دقات قلبه، يعيش معها، تحادثه ويحادثها، ولم لا، فهى حالة عشق من نوع خاص، استمرت نحو أربعين عاماً.
كنت أتمنى أن يعرض التليفزيون الرسمى عدداً من أفلام فاتن حمامة طوال أيام المهرجان، إسهاماً منه فى إلقاء الضوء على ذلك الحدث الفنى المهم، وإن لم يكن خلال أيام المهرجان، فليكن مع حلول ذكراها السنوية، والتى باتت وشيكة، فهناك أكثر من مائة عمل فنى، كانت جميعها من أرقى ما أنتجت السينما والتليفزيون فى آن واحد، وإن كنت أعلم أن هناك تأريخاً وتدويناً لذلك التاريخ الفنى، تحت الطبع الآن، سوف تتم إزاحة الستار عنه فى شكل كتاب فاخر، من حيث الشكل والمضمون، مع حلول الذكرى الأولى للفنانة، التى مازالت تنبض بها الحياة الفنية فى مصر والعالم العربى بشكل عام.
ولا أريد هنا كشف أسرار الكتاب الذى قامت بإعداده إحدى الزميلات، لأنها أرادت فرض السرية حوله حتى اللحظة الأخيرة، إلا أنه، ومن خلال ما يضم من معلومات غزيرة، وصور نادرة، وحوارات مع الفنانة الراحلة على قدر عال من الأهمية، سوف يكون بمثابة إضافة جديدة للمكتبة الفنية، بل والثقافية والاجتماعية بشكل عام.
ولأن ذلك الكتاب تتم طباعته أيضاً تحت إشراف الدكتور محمد عبدالوهاب، فهو يمثل إضافة جديدة لمثالية الرجل، ناهيك عن أنه سوف يكون بمثابة المُحفز للأجيال الجديدة من الفنانين، الذين يتطلعون إلى تحقيق نجاحات فنية من خلال القيم والمبادئ، وليس من خلال القفز أو الانتهازية أو الشهرة السريعة، على حساب الفضيلة والأخلاق، وربما كانت هذه هى الرسالة المهمة أيضا التى أرادت إدارة مهرجان القاهرة إرسالها إلى الوسط الفنى، من خلال اختيار اسم الراحلة للتكريم.
وإذا كانت الفنانة فاتن حمامة قد رحلت عن عالمنا، بعد أن تركت أثراً كبيراً فى حياتنا الاجتماعية، نتيجة إرثٍ فنى غير مسبوق، فإن ما قد يغيب عن البعض أن الدكتور محمد عبدالوهاب هو الآخر، يمثل قامة كبيرة فى عالم الطب عموما، والتدريس فى محال الأشعة التشخيصية بشكل خاص، وبذلك فقد انتصر التزاوج بين الفن والطب، للحب والوفاء، فى وقت عز فيه هذا وذاك، ليس بين أبناء المهنة الواحدة فحسب، بل بين الأجيال المتعاقبة أيضاً.