الدولة تتآمر على السيسى!

سليمان الحكيم السبت 14-11-2015 21:20

لا تفجير أبراج الكهرباء، ولا سد بالوعات المجارى، ولا إلقاء القمامة فى عرض الشارع أكواماً، ولا أى عمل عدائى مما اعتاد القيام به بعض المخربين، بغرض إثارة السخط الشعبى على السيسى، وتحريض الجماهير على الثورة ضده- يمكن لتلك الأعمال أن تنجح فى تحقيق الهدف من ورائها، كما يمكن أن تنجح فى ذلك أعمال أقل عداء يقوم بها بعض المنتسبين لأجهزة تابعة لدولة السيسى نفسه.

فالشاب الذى أطلق عليه أحد ضباط الشرطة الرصاص محاولاً قتله لأنه رفض الركوع أمامه يمكن أن يثير- بل أثار فعلاً- سخط الكثيرين، وأنا منهم، أكثر مما أثارت سخطى مشاهد الغرق فى شوارع الإسكندرية والبحيرة والتى بررتها الأجهزة بعمل تخريبى كان وراءه خلية إخوانية قامت بسد بالوعات تصريف المطر. والطريقة الفظة والمهينة التى جرى بها إلقاء القبض على رجل مُسن مثل صلاح دياب- أثارت من الحنق على النظام أكثر مما أثارته عمليات تفجير أبراج الكهرباء لإغراق البلاد فى ظلام دامس. وصورة الفتاة القاصر إسراء الطويل وهى تبكى متكئة على عكازيها فى المحكمة تسببت فى غضب الكثيرين بدرجة أعلى مما تسببت فيه صور البيوت الغارقة فى مجرى السيول بفعل كارثة طبيعية.

فالناس يمكن أن تتحمل البقاء فى الظلام الدامس لساعات، كما يمكن أن تتقبل الأمطار والسيول باعتبارها ابتلاء إلهياً. أما انتهاك الكرامة بغرض الإذلال والترويع. والانتقاص من الآدمية والاستهانة بالقيم الإنسانية. فهذا ما لا يقبله الناس على أنفسهم، وعلى أى أحد منهم باعتبارهم شركاءه فى الإنسانية والمواطنة. وما يجرى له من إذلال يمكن أن يطالهم لأى سبب وتحت أى ظرف. ولعلنا لا ننسى أن ما جرى مع الشاب خالد سعيد فى أحد أقسام الشرطة كان الشرارة التى أطلقت الثورة على نظام مبارك. والتى لم يفلح فى إطلاقها كل ما كان يعانيه المواطنون من أزمات بدءا من طوابير العيش والبوتاجاز وانتهاء بطوابير البطالة والفقر.

وقد كتبت فى هذا المكان منذ شهرين مقالاً بعنوان (الدولة تسقط الدولة) حذرت فيه من تلك السلبيات والأخطاء المرفوضة. مبيناً أن الخطر الذى يهدد بإسقاط الدولة من داخلها. أكبر من كل الأخطار التى تهدد بإسقاطها من خارجها. فلا المؤامرات التى تتعرض لها مصر الآن من أمريكا وحلفائها الأوربيين ولا الأعمال التخريبية التى اعتدنا اتهام الإخوان وغيرهم بالقيام بها قادرة على إفساد العلاقة بين الشعب ودولته. ولكن الدولة وممارستها السلبية هى وحدها القادرة على هز أركان الدولة وإصابة قواعدها الشعبية بالتصدع. وإحداث الشروخ بين تلك القواعد الشعبية وقمتها فى السلطة. فيصبح من السهل بمرور الوقت انهيار الدولة وتفككها. ذلك أن الدولة بأخطائها القاتلة هى المحرض الرئيسى على إثارة السخط وإيجاد المبررات لرفضها، وليس خصومها المتربصين بها من الداخل أو الخارج. هل هى مؤامرة من بعض المتسللين إلى أجهزة الدولة لإسقاطها من الداخل؟ وهل يفطن السيسى إلى ذلك، وإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا يسكت الرئيس على تلك الأخطاء التى تنتقص من شعبيته. وتباعد بينه وبين الشعب؟!