كلوديا كاردينالى و«البوتوكس» الملعون

طارق الشناوي الجمعة 13-11-2015 21:15

قالت كلوديا كاردينالى الكثير الملفت فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده معها الإعلامى الكبير يوسف شريف رزق الله، ولكن يظل حديثها عن هاجس «البوتوكس»، الذى صار يجتاح العالم، لا يفرق بين رجل وامرأة هو المثير، لا ينكر أحد أن الزمن هو العدو الشرس لنا جميعا فهو يخصم الكثير من النضارة والحيوية. عبر تاريخ البشرية وهناك دائما صراع مستحيل لإيقاف زحف السنين ولم ينجح أحد، كلوديا واحدة من النجمات الكبار اللاتى لم تخضعن لهذا الحل السحرى، أقصد الذى يراه البعض سحريا، ميريل استريب بطلة فيلم الافتتاح «ريكى وفرقة فلاش» «وهى تصغرها بـ12 عاما، وكاميرون دياز وجوليا روبرتس وعارضة الأزياء كلوديا شيفر وغيرهن من نجمات العالم خاصمن تلك الحقنة، بل إن نيكول كيدمان قالت قبل عامين إنها نادمة على أنها فى مرحلة سابقة لجأت إليها.

مؤخرا مثلا لاحظت أن أغلبنا فى حالة انتشاء وسعادة، ونحن نرى المذيعة والتى كانت واحدة ممن ارتبطن بتليفزيون «ماسبيرو» فى بدايته قبل نحو نصف قرن، لم تكن هى بالطبع التى قصت شريط الافتتاح بل ربما بدأت المشوار والتليفزيون فى عامه السادس أو السابع، وكانت أقرب للمراهقة وهى تحمل شهادة الثانوية العامة، ولم يكن مطلوبا منها ما هو أكثر، فتاة رائعة الجمال منحها الله وجها يدخل القلب وإحساسا لا يغادر المشاعر، عندما أطلت المذيعة علينا مؤخرا من خلال قناة خاصة، كانت تبدو وكأن الزمن قد توقف تماما، لاشىء من الممكن أن يجعلك تشك لحظة واحدة أن كل ما ذكرته سابقا له أى نصيب من الصحة، حيث تبدو وكأنها تطرق باب التليفزيون فى التو واللحظة، من الواضح أن عملية الحقن تمت بدرجة إتقان عالية وبيد طبيب ماهر حدد الجرعة بلا إسراف، أبقت على الوجه قادرا على التعبير، وهى حالة استثنائية، أغلب النجمات لدينا أحالهن البوتوكس إلى أسماك ملونة، جمال ظاهرى إلا أنه لا ينطوى على حقيقة سر وسحر الجمال كما أنه أضاع التعبير وهو رأسمال الممثل، هل تتذكرون النجمة التى اضطرت للابتعاد، ثم عادت مؤخرا ولكنها فى العادة لا يبدو منها أمام الكاميرا سوى نصف وجهها الأيمن، لأن الأيسر صار عصيا على التصوير، وهناك ممثلة كان يعدها البعض واحدة من القادمات إلى عالم الإغراء تم تشويه وجهها كاملا بسبب الجرعة الزائدة، وأقامت دعوى ضد الطبيب للحصول على تعويض، هناك شىء يبعدك لا شعوريا عن التعامل الطبيعى مع تلك الوجوه البلاستيكية حتى مع افتراض نجاح العملية، ظهر فى العالم توصيف لمرض جديد أطلقوا عليه «إدمان البوتوكس».. الإدمان للكحول أو المخدرات أو حتى للمواد البترولية مثل شم البنزين و«الكولا»، كثيراً ما نتابعها فى الصحف والفضائيات ومن فرط تكرارها لم تعد تثير دهشة أحد، ولكن «البوتوكس» هو أحدث صيحة!!.

شاهدت مثلاً النجمة الكبيرة التى لا تكف عن الدخول فى معارك إعلامية تؤكد من خلالها أنها قدمت أعظم المسلسلات وأهم الأفلام، لاتزال تعتقد أنها هى عنوان الفن فى مصر، ولم تدرك أن الأمر لم يعد متعلقاً بموهبتها، ملامح وجهها صارت تخونها أمام الكاميرا ولم يتبق سوى وجه ثابت التعبير، عندما يفقد الوجه تعبيراته يحيل الفنان إلى دمية من البلاستيك، كيف ينتقل الممثل من موقف إلى آخر بينما تخذله دائماً عضلات وجهه الثابتة، هل يستطيع أن يخدع الناس بوجه «على سنجة عشرة»، أم أن هناك هارمونية ستظل مفقودة بين الداخل والخارج. نحن لا نكتشف أننا كبرنا من خلال تجاعيد الوجه وبياض الشعر فقط، لدينا ساعة بيولوجية تدق فى أعماقنا، معلنة أن الأيام تمضى ولن تعود.. لجبران خليل جبران توصيف عميق بقدر ما هو موحى ودقيق يقول إن الماس هو رأى الزمن فى الفحم.. يكمن الفحم فى أعماق الصخور وعندما تمر أحقابا يصير ماساً.. هكذا مشاعر الفنان يحيلها الزمن إلى قوة تعبيرية لا تُقدر حتى بالماس!!

البوتوكس يعيد الماس إلى مرحلة الفحم، فلماذا يصر البعض على أن يشترى التبن بالتبر؟!!

كتب بشارة الخورى وغنى عبد الوهاب «الصبا والجمال ملك يديك/ أى تاج أعز من تاجيك»، إلا أن الخبرة والتصالح مع الزمن لمن يقدر ويفهم هما أيضا تاجان على الرؤوس والوجوه، وتلك نصيحة ضيفة المهرجان كلوديا كاردينالى التى لن يأخذ بها أحد.

tarekelshinnawi@yahoo.com